رغم مرور فترة طويلة على زلزال كهرمان مرعش المدمر الذي وقع في شباط/فبراير 2023 إلا أن الحديث المتكرر يدور بشكل شبه يومي عن أهمية عوازل الزلازل في تركيا وهي صناعة تركية مهمة لكل بناء. ونتحدث في هذا المقال عن آلية تطبيق نظام العزل الزلزالي الذي بات مهماً لكافة المباني بمختلف أنواعها.

وزاد من أهمية الاحتياطات المختلفة للوقاية من الزلازل والكوارث وأثارها وقوع تركيا ضمن منطقة زلزالية نشطة فوق ثلاث صفائح تكتونية ويمر بأراضيها ثلاثة خطوط زلازل فاعلة وخطيرة.

كل ذلك يجعل تركيا عرضة دائمة لخطر الزلازل سواء كانت صغيرة شبه يومية أو تلك المدمرة التي تحدث بين وقت إلى آخر، كان آخرها الزلزالين بقوة 7.7 و7.6 درجة على مقياس ريختر الذي خلف أثاراً مدمرة على نطاق واسع في 10 مدن جنوبي البلاد.

وبعد ما حصل من مأساة توجه الاهتمام الحكومي التركي إلى تفعيل تقنيات العزل الزلزالي في معظم المباني ولهذا باتت الشركات المحلية تهتم بالاستثمار في العوازل والتخفيف من تكاليف استيرادها بل وتصديرها وتحويل الأزمة إلى فرصة للنهوض بالاقتصاد والصناعة التركية.

ما هي عوازل الزلازل في تركيا؟

وبات لزاماً عند تشييد المباني الحكومية والتجارية وحتى السكنية تركيب عوازل الزلازل في تركيا والتي تسمى باللغة التركية Deprem İzolatörü بعدما أصبحت أسعارها في المتناول نظراً لتصنيعها محلياً فما هي هذه الصناعة وكيف تعمل على حماية المباني؟

واستخدام هذا النظام بشكل خاص في المستشفيات التركية ساهم بإنقاذ المباني من كارثة كبرى، وحوّلها إلى ملجأ آمن لتصمد أمام قوة سلسلة الزلازل التي ضربت جنوبي تركيا في شباط/فبراير 2023.

وبحسب المدير العامّ لأنظمة العوازل التكنولوجية (TİS) أورجان أوزتشامور فإن نظام العزل يقوم على أجهزة خاصة توضع كل واحدة منها ضمن كل عمود من أعمدة حمل المباني بين الهيكل الإنشائي وأساساته.

وتضمن هذه الطريقة الفصل التام للمبنى عن الأساسات المغروزة بالأرض وتكون هذه الأجهزة مرنة بالتعامل مع القوى الأفقية التي تنجم عن اهتزازات الزلزال والهزات الأرضية.

آلية عمل عوازل الزلازل في تركيا

وللعوازل الزلزالية أنواع عديدة، واختيار المناسب منها أمر يقرره المختصون وخبراء البناء وفقاً لنوع أرض المبنى وثِقَله وقابليته للحركة وعلى سبيل المثال فإن بعض الأنواع تتطلب صيانة دورية، وبعضها لا يحتاج إلى صيانة.

وتتحرك العوازل أثناء حدوث الزلزال ويظل الهيكل ثابتاً ما يساعد في امتصاص الموجات الزلزالية ومنعها من الانتقال عبر المبنى حسبما نقله موقع TRT Haber.

لكن التحدي الأكبر هو مواجهة زلزال قوي يمتد أثره لمساحات شاسعة وفي ظروف جوية صعبة وهي عوامل تعدي مهمة خلال تصنيع العوازل وخصائصها وطريقة تركيبها وما يجب فعله للتعامل مع كافة الاحتمالات الكارثية.

وعوازل المباني ليست فقط مصدر حماية للعوارض والأعمدة بل لجميع مكونات المبنى إذ تمتص حركة الزلزال داخل نفسها وتشكل نوعاً من الدفاع ضد أي خطر قد تحدثه الهزات القوية.

عوازل الزلازل للمباني القديمة في تركيا

وتدور تساؤلات عن إمكانية تركيب عوازل الزلازل في تركيا للمباني القديمة وهي نظرياً أمر ممكن لكنها صعبة جداً على صعيد مرحلة التنفيذ فهناك حسابات هندسية وعيوب لا يمكن إصلاحها من خلال العوازل فقط.

قد تكون مفيدة هذه الطريقة لبعض المنازل المتضررة بشكل أقل من غيرها وهو ما حصل فعلاً في العديد من المباني القديمة حول العالم حسبما ذكره المدير العامّ لأنظمة العوازل التكنولوجية (TİS) أورجان أوزتشامور.

ولطالما كان نظام العوازل إجباري وإلزامي في المباني العامة مثل المدارس والمستشفيات وفي منطقة كهرمان مرعش جنوبي تركيا كان واضحاً صمود المستشفيات التي استخدمت عوازل الزلزال حيث ساعدت بشكل كبير على حماية السكان والكوادر الطبية وجنّبتهم أي خطر على حياتهم.

هل تركيب العوازل للمباني أمر مكلف؟

ومقارنة بالظروف الحالية والمخاطر المتزايدة في تركيا فإن تكلفة مبنى به عوازل زلزالية معقول وفق وصف أوزتشامور مقارنة بتكاليف المعيشة وأسعار المباني التي لا تتضمن مثل هذه الخصائص.

وبشكل أوضح لا يتجاوز سعر الوحدة مع عوازل الزلازل في تركيا نسبة 10 % من كلفة المبنى الإجمالية وإذا تمت إضافة حصة الأرض فستكون التكاليف منخفضة بشكل أكبر.

وأعمار عوازل الزلزال سواء كانت تتطلب صيانة ومتابعة دورية أو لا تعادل بشكل تقريبي عمر المبنى فيما عدا وقوع زلزال أثر بشكل أو بآخر بهذه العوازل.

يذكر أن التأمين يلعب دوراً حيوياً في حماية الأفراد والشركات والممتلكات من مختلف المخاطر والتحديات وللمزيد يمكن قراءة المقال التالي: "ما ضريبة تأمين الزلازل في تركيا وآلية الاستفادة منها؟".