تقع شانلي أورفا على دلتا نهري دجلة والفرات في منطقة جنوب شرق الأناضول وهي واحدة من أقدم المدن في تاريخ البشرية وفي تاريخ تركيا.
فآثار المدينة الواقعة على الحدود مع سوريا تجعل زائرها يدرك مدى عراقتها وحجم ثقافتها الغنية والمتعددة.
حازت شانلي أورفا على لقب "مدينة الأنبياء"، إذ يذكر الإغريق القدماء أن النبي أخنوخ قد أبلغهم عن بناء الناس للمدن وأن أورفا كانت أصغر المدن الـ 180 التي أنشئت.
كما أن أورفا التي دُمرت مع العالم كله في طوفان النبي نوح، أصبحت واحدة من المدن الثلاث التي أسسها النمرود بعد الطوفان.
تاريخ شانلي أورفا
يُعتقد أن الآراميين والآشوريين كانوا أول سكان شانلي أورفا، ثم في وقت لاحق خضعت لحكم الهيلينيين، ثم احتلها الرومان عام 244م إلى أن فتحها المسلمون في 637م.
وقد تعاقب عليها الأمويون والعباسيون والحمدانيون والنميريون، إلى أن خضعت لسيطرة الدولة السلجوقية في القرن الحادي عشر، وأخيرا الدولة العثمانية ثم الجمهورية التركية.
أطلق عليها سكان المدينة الأوائل الآشوريين اسم أورهاي أو أورهي، في حين أطلق عليها الهيلينيون اسم إديسا، الذي لا يزال مستخدما في أجزاء من أوروبا اليوم، أما العرب المسلمون فقد سموها روها، وقد سميت المدينة بـ "أورفا" منذ الفترة العثمانية.
في 12 يونيو/حزيران 1984، منحها مجلس الأمة التركي الكبير لقب "Şanlı" وتعني الماجدة لتصبح "أورفا الماجدة"، وذلك بمناسبة المقاومة البطولية لسكانها المحليين ضد الفرنسيين خلال حرب الاستقلال.
تبلغ مساحة شانلي أورفا 19.451 كم، وتتكون من 13 منطقة، ويتميز سكانها بتعدد أعراقهم، إذ أن 38% منهم تعود أصولهم إلى العرق العربي، بينما تبلغ نسبة الأكراد 30%.
أما الأتراك الأصل فتبلغ نسبتهم 25% من إجمالي السكان في المدينة، فيما تبلغ نسبة السكان من أصل زازي 7%.
ولذلك تمتاز شانلي أورفا بغني ثقافتها وتعدد ملامحها التاريخية، ناهيك عن شهرة الأطباق المحلية فيها.
وفقا آخر إحصائية صادرة عن دائرة السكان التركية (النفوس) عام 2021، بلغ عدد سكانها مليونين و134 ألفا و20 نسمة، وهي ثامن أكبر المدن التركية من حيث كثافة السكان.
أبرز الآثار التاريخية والسياحية في شانلي أورفا
بحيرة السمك Balıklıgöl
تبعد 30 كم عن مركز شانلي أورفا، يبلغ طولها 150 مترا، وعرضها 30 مترا، أما عمقها فيبلغ 3-5 أمتار.
تقول الأساطير إن سيدنا إبراهيم ألقي في النيران الملتهبة في النقطة التي تقع فيها البحيرة، بحبل ممتد من قلعة شانلي أورفا.
إذ يُروى أنه بعد إلقاء النبي إبراهيم، تحولت المنطقة إلى جنة وتحولت النار إلى بركة.
ولهذا السبب فإن أسماك الكارب المتواجدة في البركة تعتبر مقدسة من قبل الناس، ويحرم صيدها أو أكلها.
كما يُعتقد أن المكان الذي سقط فيه النبي إبراهيم كان هو نفسه بحيرة السمك، إذ يُطلق عليها كذلك اسم بحيرة "خليل الرحمن".
بيوت حران Harran Evleri
تبعد 44 كم عن مركز شانلي أورفا ويتطلب الوصول إليها من هناك نصف ساعة من الزمن.
تجذب منازل حران، انتباه السياح الأجانب بشكل كبير من خارج تركيا، إذ تتمتع بهيكل معماري مثير للاهتمام، ويعود تاريخها إلى القرن السادس قبل الميلاد.
لم تفقد منازل حران التاريخية أيا من مظاهرها المعمارية، على الرغم من خضوعها للعديد من أعمال الصيانة والإصلاح.
أضف إلى ذلك أنها كانت ملهمة لبناء منازل تروللي في إيطاليا بهيكلها الجميل.
منطقة حران كانت عاصمة للأمويين في التاريخ، وكانت المنطقة مجهزة بمنازل مصنوعة من الطين فقط لتناسب مناخ أورفا الحار.
قلعة شانلي أورفا Şanlıurfa Kalesi
تبعد 31 كم عن مركز المدينة، وهي معلم مهم من معالم المدينة التاريخية، تتكون من عمودين يبلغ ارتفاعهما 14 مترا.
على الرغم من أن التاريخ الدقيق لبناء القلعة غير معروف، فإنه يُعتقد أنها بنيت في وقت ما بين القرنين السادس والحادي عشر قبل الميلاد.
وفقا للأسطورة المتناقلة عن القلعة، فإن سيدنا إبراهيم ألقي في النار من خلال الحبال الممتدة بين عمودي في هذه القلعة.
كما يقال إن انهيار الأعمدة قد يجلب كارثة إلى أورفا، إذ يُعتقد أنها إذا أسقطت، فسيشير ذلك إلى أن أورفا ستغرق في الماء.
جامع شانلي أورفا الكبير Şanlıurfa Ulu Cami
يبعد عن مركز المدينة 29 كم، وقد بني على أنقاض كنيسة قديمة تسمى "الكنيسة الحمراء" عام 1170م، أما تاريخ بناء الكنيسة فلا يزال مجهولا.
دخل المجسد في عملية ترميم في القرن السابع عشر، ثم أعيد ترميمه في عامي 2010-2011 ليظهر بشكله الحالي.
إحدى الأساطير تقول إن المنديل الذي أرسله يسوع إلى الملك أبجر مع رسوله توماس سقط في البئر الذي يتواجد في ساحة الجامع، وأدى هذا إلى اعتبار ماء البئر مُقدسا.
جامع خليل الرحمن Halilurrahman Camii
يبعد 30 كم عن مركز المدينة، ويقع بجانب بحيرة السمك.
مبنى المسجد التاريخي يعرف كذلك باسم مسجد دوشيما Döşeme بين سكان أورفا.
وقد كان كنيسة تاريخية بنيت عام 504م لتخليد ذكرى العذراء مريم بناءً على طلب الكاهن أوربيسيوس.
جرى ترميم المبنى من قبل العباسيين وأعيد افتتاحه كمسجد، كما أعيد ترميمه من قبل ابن أخ صلاح الدين الأيوبي، وأخيرا من قبل السلطان العثماني سليمان القانوني.
كنيسة جيرموس Germuş Kilisesi
تبعد مسافة 30 كم عن مركز المدينة، وتشير التقديرات إلى أن الكنيسة بنيت في القرن التاسع عشر.
وقد جرى تجديد الكنيسة في فترات مختلفة، لكنها تغيرت كثيرا بسبب عوامل التعرية والزمن.
تل قوبيكلي تبي Göbeklitepe Höyüğü
عند الحديث عن تاريخ بلاد ما بين النهرين، من المستحيل عدم ذكر تل قوبيكلي تبي المشهور عالميا في منطقة أورنجيك في شانلي أورفا.
يبعد التل 29 كم عن مركز المدينة، وجرى إدراجه في قائمة التراث العالمي من قبل اليونسكو.
اكتشفت المنطقة لأول مرة عام 1963 عبر عمل مشترك بين جامعتي إسطنبول وشيكاغو.
ويعتبر أقدم معبد في العالم بتاريخه الذي يعود إلى 12 ألف عام، كما لا تزال الحفريات مستمرة للكشف عن خباياه الأثرية.
السوق التاريخي المُغلق Tarihi Kapalı Çarşı
يبعد مسافة 31 كم عن مركز المدينة، ويحتوي على العديد من الأسواق والبازارات في داخله، ويتميز بأجوائه الرائعة التي تجذب السياح.
ويعتبر هذا السوق مفضلا لشراء الملابس المحلية والإكسسوارات والزخارف النحاسية والأجهزة المنزلية والهدايا التذكارية.
جامع صلاح الدين الأيوبي Selahaddin Eyyübi Camii
بني مسجد صلاح الدين الأيوبي التاريخي في شارع فؤاد بك، الواقع في وسط مدينة شانلي أورفا في بداية سنوات القرن السابع عشر.
وكان المبنى في الأصل قد بُني ككنيسة عام 457م، و قد جرى ترميم المسجد آخر مرة عام 1993م، وافتتح للعبادة.
متحف شانلي أورفا الأثري Şanlıurfa Arkeoloji Müzesi
يبعد 30 كم عن مركز المدينة، تقرر إنشاؤه عام 1948، وقد افتتح رسميا عام 1969 ليجري البدء بالحصول على قطعه الأثرية.
