شهدت صناعة السينما التركية تغيرات مذهلة على مدار المائة عام الماضية، ونمت عبر مراحل من التوسع السريع في الخمسينيات من القرن الماضي.
وعانت من الاضطرابات السياسية في السبعينيات، وصارعت مع ظهور التلفاز والفيديو في الثمانينيات، وشهدت انتعاشا ملحوظا في منتصف التسعينيات.
يوصف فيلم فؤاد أوزكيني عن تدمير نصب أيستيفانوس في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1914 بأنه "أول فيلم تركي"، بحسب ما ذكرت مديرية الثقافة والسياحة في تركيا على موقعها الإلكتروني.
نسرد لكم في هذا التقرير أهم المحطات التاريخية التي مرت فيها السينما التركية.
تاريخ تطور السينما التركية
مع تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، حدث تغيير جذري في بنية المجتمع التركي.
وأدى بدء النظام الجمهوري وتنفيذ إصلاحات غير مسبوقة واحدا تلو الآخر إلى تغييرات في كل جانب من جوانب المجتمع تقريبا، بما فيها قطاع الإنتاج السينمائي الذي حمل في ذلك الوقت اسم "بيوت الإنتاج الخاصة"، واستمر بالتطور حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.
زادت السينما التركية من إنتاجها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وعرضت الأفلام المصرية، وأفلام المغامرات والكوميديا الأمريكية.
كما وضعت الأسس لسنوات 1960-1975 التي يمكن وصفها بأنها العصر الذهبي للسينما التركية من حيث الإنتاج.
العصر الذهبي
فترة الستينيات من القرن الماضي تعد عصرا ذهبيا للسينما التركية نظرا لقوتها الإنتاجية والتوزيعية، فخلال هذه الفترة بلغت كفاءة إنتاج السينما التركية ذروتها.
صدرت أفلام تركية عالية الجودة وذات هوية وطنية واضحة، واستمر إنتاج الأفلام المحلية وبدأت السينما التركية في إنتاج الأفلام الملونة منذ عام 1963.
سيطرت الأفلام الملونة التي زادت بسرعة منذ عام 1967 على السوق، وأصبحت صناعة السينما مربحة بشكل متزايد، ما أدى لظهور منتجين ودور إنتاج جديدة على الساحة.
ومع إنتاج 241 فيلما عام 1966 احتلت السينما التركية المرتبة الرابعة في إنتاج الأفلام الروائية العالمية.
فترة الانكماش
مع التطور الهيكلي للسينما التركية في السبعينيات، كان دور العوامل الخارجية أكبر من الداخلية.
خلال الفترة ما بين 1971-1980 في تركيا، كانت هناك تغييرات جوهرية في العديد من القضايا، لا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية.
أثرت التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الرئيسية بشكل كبير على قطاع السينما، فابتعد الناس عنها نتيجة الاهتمام المتزايد بالتلفاز.
وبدأت دور العرض بالإغلاق، وانخفضت جودة الأفلام مع تأثير الاتجاهات المختلفة، ودخل قطاع السينما في فترة الانكماش.
في عام 1977 جرى إنشاء إدارة السينما التابعة لوزارة الثقافة من أجل تنفيذ مهام مثل إعداد اللوائح القانونية للسينما التركية، وتنظيم أسابيع السينما في الخارج، وإنتاج نسخ ترجمات للأفلام التي ستشارك في المهرجانات الدولية والعالمية.
فترة الثورة التقنية
في الفترة بين عامي 1980 - 1990 تأثرت السينما التركية بالظروف الاقتصادية والقانونية والسياسية للبلاد، وأدت الثورة التقنية التي مرت بها بفضل وارداتها المتزايدة إلى تغييرات كبيرة في أدوات الاتصال المرئي.
حاولت الدولة تنظيم صناعة السينما بتدخلات مباشرة، وصدر قانون السينما والفيديو والمصنفات الموسيقية في عام 1986.
وبدأت المهرجانات السينمائية في تكوين جمهورها الخاص، وتنافست الأفلام التركية في المهرجانات الأجنبية وبدأت بحصد جوائز.
أزمة التسعينيات
واجهت صناعة السينما التركية أزمة التسعينيات، وجرى إغلاق دور السينما واحدة تلو الأخرى، وفتحت أجهزة التلفزيون الخاصة.
وبعد عام 1995، انتشرت تنسيقات Video - VCD - DVD، وظهر جيل شاب من المخرجين في التسعينيات، اعتاد أن يكسب رزقه من خلال الأفلام القصيرة والسيناريوهات، وقد جلب نفسا جديدا للسينما التركية.
السينما التركية الحديثة
بعد عام 2000 وصل المستوى الفني للأفلام التركية إلى المعايير العالمية، وبدأ جيل الشباب المتعلم بالسيطرة على السينما، وبدأت ميزانيات الأفلام التركية تصل إلى ملايين الدولارات، وأعداد المشاهدين تصل إلى الملايين.
في عام 2019 وصلت إيرادات شباك التذاكر فقط إلى 976 مليون ليرة تركية، وتجاوز الحجم الإجمالي لصناعة السينما 7 مليارات ليرة تركية، بحسب مديرية الثقافة والسياحة في تركيا.
تتابع السينما التركية تطورها وتنوعها في الإنتاج وتشهد إقبالا كبيرا محليا ودوليا ما يخلق صورة واعدة لها على الساحة العالمية للسينما.