منذ آلاف السنين منح الهاربون من الحروب والاضطهاد حق اللجوء للبلدان الأخرى وبرزت قضية اللاجئين خلال الأعوام الماضية كأزمة عالمية بعد حروب اندلعت ضمن دول عربية عدة، فما هو اللجوء وما تعريف اللاجئ؟ وهل يمكن اعتبار السوريين في تركيا لاجئين؟
بلغ عدد اللاجئين حول العالم أواخر عام 2022 وفق إحصائية الأمم المتحدة التي نشرتها منتصف حزيران/يونيو 2023 نحو 108.4 مليون شخص.
وآنذاك أكدت الأمم المتحدة أن مستوى اللجوء حول العالم يعد غير مسبوق مقارنة بالأعوام السابقة ويجب التحرك بشكل عاجل للتقليل من أسباب النزوح واللجوء والتخفيف من وطأته.
وتصنف الأمم المتحدة سوريا على أنها البلد الأول المصدّر للاجئين حول العالم ووفق مركز جسور للدراسات فإن عدد السوريين خارج بلادهم يقدر بنحو 9,12 مليون شخص.
تعريف اللاجئ وحقوقه وواجباته
وتعريف اللاجئ حسب الأمم المتحدة أيضاً هو كل من يغادر بلاده قسراً إلى الخارج جراء اندلاع حرب أو تعرضه للاضطهاد فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية.
وإلى جانب المزايا المتعددة التي تمنح للاجئ من السكن، التعليم، الرعاية، الحماية، الإغاثة، عدم الإعادة القسرية وتقديم المساعدة القانونية، هناك التزامات على كل لاجئ إزاء البلد الذي يوجد فيه وواجبات تفرض عليه.
وينبغي للاجئين احترام وتطبيق قوانين البلد المضيف وأنظمته، وأن يتقيدوا بالتدابير المتخذة فيه للمحافظة على النظام العام.
كما يجب عدم الانخراط في أنشطة قد تعرض أمن البلد المضيف للخطر، أو تعطل النظام العام أو تضر بالمصلحة العامة.
ولا يجوز للاجئ أن يشارك في أنشطة تتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي.
فقدان صفة اللجوء
وفقاً لما سبق يحرم من صفة اللجوء كل من توفرت أسباب جدية للاعتقاد أنه:
- ارتكب جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية بالمعنى المستخدم لهذه الجرائم في الصكوك الدولية
- تبين أنه ارتكب جريمة جسيمة غير سياسية خارج بلد اللجوء قبل قبوله في هذا البلد بصفة لاجئ
- ارتكب أفعالاً مضادة لأهداف الأمم المتحدة ومبادئها
هل السوريون في تركيا لاجئون؟
بدأ حالات توجه السوريين إلى تركيا والدول المجاورة لسوريا جراء الحرب فيها منذ عام 2011 وفي سنة 2015 اندلعت أزمة لجوء واسعة نحو الدول الأوروبية وكانت فيها ألمانيا من طليعة الدول التي استقبلت السوريين.
لكن حتى عام 2023 يتواجد قسم كبير من السوريين في تركيا بأعداد كبيرة تصل إلى نحو 3,351,582 مليون حسب إحصائية جمعية اللاجئين وطالبي اللجوء ومقرها إسطنبول.
ولكن يدور التساؤل حول السوريين في تركيا هل يمكن تصنيفهم كلاجئين رغم أن قسماً منهم يخضع للحماية المؤقتة وقسم آخر يمتلك أنواع إقامات متنوعة.
ورغم أن المجتمع التركي ووسائل الإعلام التركية وحتى السوريين أنفسهم والعديد من وسائل الإعلام والمنظمات حول العالم تستخدم مصطلح "اللاجئين السوريين" لمن هم في تركيا فإنهم في الحقيقة لا يحملون هذه الصفة التي تتوفر للسوريين في أوروبا وتختلف أوضاعهم ما بين مقيم بمختلف أنواع الإقامة أو خاضع للحماية الدولية أو الحماية المؤقتة.
اللاجئ المشترط في تركيا
في بداية الأمر لابد عن الحديث عن مفهوم اللاجئ المشترط في تركيا وهو الذي تكون فيه هذه الدولة محطة عبور للتوطين نحو دولة ثالثة حسبما ذكره موقع رئاسة الهجرة التركية.
وجاء في تعريف الهجرة التركية للاجئ المشترط أنه استناداً للمادة 1 من قانون جنيف الصادر في عام 1951 يسمح باللجوء المشترط إلى تركيا لكل شخص يدعي أنه حائز على شروط اللجوء ويريد التوجه لدولة ثالثة ويطلب الحماية الدولية بسبب الأحداث التي تمر بها بلاده.
وبالتالي فإن السوريين في تركيا الذين يطلبون الحماية الدولية ويتم قبول طلبهم وفتح ملف لجوء لهم هم في حكم اللاجئ المشترط الذي ينتظر اتخاذ قرار إعادة التوطين نحو دولة ثالثة.
ولمعلومات أكثر عن إعادة التوطين بإمكانكم قراءة المقال التالي في موقع أوراق تركيا: برنامج أممي للاجئين.. هل يمكن التقديم على "إعادة التوطين" في تركيا؟.
وضع السوريين المقيمين في تركيا
أما بالنسبة لبقية الفئات من السوريين في تركيا التي تندرج ضمن فئة الإقامات بأنواعها، فهؤلاء لا يكتسبون صفة اللجوء ويعدون بمثابة سياح بالنسبة لحملة الإقامة السياحية وطلاب بالنسبة للإقامة الطلابية ومن المقيمين لأجل عوائلهم بالنسبة للإقامات العائلية وعمال بالنسبة لإقامة العمل.. الخ.
لكن رغم ذلك قدمت الحكومة التركية لهؤلاء من السوريين تسهيلات كبيرة لسنوات من ناحية متطلبات الإقامة والأوراق اللازمة للتجديد.
وضع السوريين في تركيا تحت الحماية المؤقتة
والنسبة الأكبر من السوريين في تركيا هم من حملة بطاقة الحماية المؤقتة وهي نظام خاص وصفة قانونية تعتبر السوري ضيف لا لاجئ، وإن كان يستفيد من بعض الحقوق التي يستفيد منها اللاجئ لكن ذلك بشكل مؤقت إلى حين انتهاء الظروف التي دفعته لمغادرة بلاده وحتى العودة إليها بشكل طوعي.
وبالتالي فإن السوريين في تركيا ممن يخضعون للحماية المؤقتة وليسوا من ضمن طالبي اللجوء المشروط لا يحملون الصفة القانونية التي تفيدها كلمة "لاجئ" مثل أولئك المتواجدين في ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى.
وتمنح الحماية المؤقتة للسوريين وعديمي الجنسية القادمين من سوريا إلى تركيا، ويستفيدون من خلالها بحق البقاء ضمن البلاد مع عدم الإعادة القسرية حتى التوصل إلى حل دائم في بلادهم، مع التمتع بحقوق واحتياجات أساسية من التعليم والعمل والرعاية الصحية مع تقديم دورات للاندماج مع المجتمع المضيف.