تعتبر اللغة التركية مرآة الحضارة لتركيا وشعبها فهي لا تختزل بكونها أداة تواصل بين العالم وحسب، وإنما هي ذاكرة شعب وحضارة ممتدة لسنوات طويلة.
مرت اللغة التركية بمراحل كثيرة وشهدت تطورات على مر السنين، تأثرت وأثرت باللغات الأخرى واتخذت أشكالا عدة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.
تاريخ اللغة التركية
لا يعرف على وجه التحديد والدقة تاريخ بداية اللغة التركية، لكنها تعد عضوا رئيسيا في عائلة اللغات الألطية التي تنتشر في تركيا وقبرص وأماكن أخرى في أوروبا والشرق الأوسط.
اللغة التركية الحديثة هي نتاج تطور اللغة التركية العثمانية وسابقتها، والتي تعرف بالتركية الأناضولية القديمة، التي أدخلها الأتراك السلاجقة إلى الأناضول في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي.
استوعبت اللغة التركية القديمة تدريجيا عددا كبيرا من الكلمات العربية والفارسية وحتى الأشكال النحوية وكُتبت بالحروف والخطوط العربية.
حركة اللغة الجديدة
في عام 1911 تجمع عدد من رجال الفن والفكر حول مجلة "الأقلام الشابة" Genç Kalemler وأسسوا "حركة اللغة الجديدة" التي قدمت مفهوم الأدب الوطني لأول مرة.
وتحت قيادة كتّاب وشعراء أمثال عمر سيف الدين وضياء جوكلاب وعلي جانيب وعقيل كويونجو، طرحت الحركة وجهة نظر مفادها أنه "يمكن إنشاء أدب وطني بلغة وطنية"، وأعلنت المبادئ التالية بهدف تبسيط التركية:
- إزالة القواعد النحوية التي تدخل التركية من العربية والفارسية وجميع العبارات التي جرى إنشاؤها بهذه القواعد.
- ترتيب عبارات الأسماء والصفات التي تجرى مع الكلمات التي دخلت من العربية والفارسية وفقا لقواعد اللغة التركية.
- إزالة الاختلافات الكبيرة بين اللغتين المكتوبة المنطوقة، وتقريبهما من بعضهما وأن يكون الخطاب هو اللغة المكتوبة.
- إنشاء أدب جديد ووطني بدون تقليد.
أصبح هذا الفهم الجديد للغة والأدب الوطني، الذي انتشر بين الشعراء والكتاب والمفكرين الأتراك في وقت قصير، حركة أدبية وأنتج جميع شعراء وكتاب تلك الفترة تقريبا أعمالا تحت راية هذه المبادئ.
بعد تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، جرى استبدال النص العربي بالأبجدية اللاتينية عام 1928.
وأنشئ أول مجمع للغة التركية عام 1932 بهدف تطوير اللغة التركية بعيدا عن تأثير اللغات الأخرى. وبدأت جهود إصلاح اللغة ودعمها من قبل الحكومة التركية.
وعلى الرغم من الخلافات التي ظهرت حول استبدال الأحرف، فقد ساهمت الحركة بشكل كبير في تنقية المفردات التركية من العناصر الأجنبية، وظهرت لغة أدبية جديدة بشكل أساسي.
وتقول معظم المصادر إن التاريخ الدقيق لظهور اللغة التركية غير معروف، والفترات التي سبقت النصوص التركية المكتوبة تعرف بـ "الفترة المظلمة".
ومن وجهة نظر التطور اللغوي، يمكن التمييز بين أربع فترات من التركية:
- اللغة التركية القديمة (الأناضولية والعثمانية) في القرنين الثالث عشر والسادس عشر.
- اللغة التركية الوسطى (العثمانية) في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
- اللغة التركية الأحدث (العثمانية) في القرن التاسع عشر.
- اللغة التركية الحديثة في القرن العشرين.
أصول اللغات الألطية
اللغات الألطية هي مجموعة من اللغات تتكون من ثلاث عائلات لغوية كل عائلة تضم تحتها عددا من اللغات وهي التركية والمنغولية والمانشو-تونجوس، والتي تُظهر أوجه تشابه ملحوظة في المفردات والبنية الصرفية والنحوية وبعض السمات الصوتية.
في العصور التاريخية، تركزت الشعوب الألطية على أراضي السهوب في آسيا الوسطى، ويعتقد أن اللغة الألطية البدائية نشأت في السهوب في منطقة جبال ألطاي أو بالقرب منها.
توسعت أراضي تلك الشعوب إلى حد كبير نتيجة سلسلة من الهجرات إلى الغرب والجنوب، ونتيجة لذلك بدأت لغتهم بالانتشار.
في يومنا هذا ينتشر التحدث باللغات التركية بشكل أساسي في نطاق شبه مستمر في تركيا وأرمينيا وأذربيجان وجمهوريات آسيا الوسطى مثل كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وقيرغيزستان وطاجيكستان إلى شينجيانغ في الصين.
واليوم تضم اللغة التركية المحكية بشكل أساسي في عموم الولايات التركية 29 حرفا ويعد الانسجام الصوتي من أهم مميزاتها.