تعد الأعمال الدرامية في تركيا واحدة من أهم الأدوات التي تعيد سرد أحداث تاريخية وتساهم بإحياء شخصيات مؤثرة من مختلف العصور ومنها "السلطانة كوسم Kösem Sultan" التي نتحدث عنها في مقالنا وهي دراما تركية تستكمل مسلسل حريم السلطان.
وفي التاريخ التركي برزت شخصيات مثل السلطانات والمحظيات كعناصر رئيسية تمكنت من التأثير في السياسة والحكم وهو ما يعكس قوة وتأثير النساء في مركز الإمبراطورية العثمانية.
ويسير مسلسل "السلطانة كوسم Kösem Sultan" على خطى حريم السلطان، الذي تناول قصص الصراعات التي شهدتها الدولة مع التركيز على النساء القويات اللواتي لم يكن مجرد شخصيات ثانوية، بل ساهمن في صناعة التاريخ.
وفي هذا السياق تظهر شخصية السلطانة كواحدة من أكثر النساء نفوذاً وقوة في تاريخ الدولة العثمانية، إذ تمكنت من الحفاظ على مكانتها وسط موجة من الصراعات والانقلابات الدموية.
وهذا المسلسل الذي يعد دراما تركية تاريخية دار جدل كبير حول موضوعيته وصحة الأحداث فيه ودقتها.
يحاول العمل أن يعكس مرحلة حرجة في تاريخ الدولة العثمانية، ويقدم سردية الصراع على العرش بين المتنافسين من منظور السلطانة التي كانت القوة المحركة للكثير من الأحداث.
Kösem Sultan >>>pic.twitter.com/q2EIwku2H1 https://t.co/dSLxrI7DJO
— Paolo°🎧 (@paolovignolo1) August 16, 2024
دراما تركية تاريخية
أراد مسلسل "السلطانة كوسم Kösem Sultan" إبراز دور النساء في الدولة العثمانية مع إظهار الصراعات السياسية والأحداث الكبرى داخل البلاط العثماني ودمج العواطف الشخصية مع القرارات الفردية التي حركت تلك الأحداث.
وجذبت قصة العمل الذي يعد أبرز دراما تركية تاريخية الانتباه إلى التعقيدات السياسية التي شكلت تلك المرحلة من التاريخ، مع إعادة صياغة لبعض التفاصيل التي أضافت الإثارة والدراما.
وهذه اللمسات دفعت المشاهدين للتفاعل مع الشخصيات وفهم طبيعة التوترات التي سادت في ذلك الوقت، والعمل من إنتاج شركة Tims Productions.
مسلسل السلطانة كوسم
عُرض مسلسل السلطانة كوسم لأول مرة في تركيا على قناة Star TV في 12 نوفمبر 2015. واستمر لمدة موسمين في دراما تركية مشوقة وممتعة.
ضم الموسم الأول 30 حلقة والموسم الثاني 39 حلقة، ليصل إجمالي عدد الحلقات إلى69 حلقة وهو بمثابة استكمال لحلقات مسلسل حريم السلطان المثير للجدل.
بدأ أول موسم من كوسم على Star TV، بينما انتقل الموسم الثاني إلى قناة Fox TV وعُرض الموسم الثاني بين نوفمبر 2016 ويونيو 2017.
حقق الموسمان نجاحاً واسعاً داخل تركيا وخارجها بعد دبلجة العمل لعدة لغات وتبدأ قصته مع اعتلاء السلطان أحمد الأول العرش العثماني وهو شاب صغير العمر.
وخلال هذه الفترة، تصل إلى القصر فتاة يونانية تُدعى أناستاسيا، والتي يتم إحضارها إلى الحرم السلطاني.
ومع مرور الوقت، تقع أناستاسيا في حب السلطان، وتتحول إلى السلطانة كوسم، التي ستصبح واحدة من أهم النساء في التاريخ العثماني.
نفوذ في الدولة العثمانية
تتمكن كوسم خلال فترة قصيرة من تحقيق نفوذ كبير سياسياً، بعد أن أصبحت وصية على أبنائها وأحفادها من السلاطين، خاصة خلال حكم مراد الرابع وإبراهيم الأول.
تميزت السلطانة كوسم بالذكاء السياسي والقدرة على إدارة شؤون الدولة، وهي أول امرأة جلست على العرش وأدارت شؤونه.
تركز أحداث المسلسل على الصراعات السياسية التي دارت داخل القصر، والمؤامرات التي حِيكَت بين السلطانات والمحظيات.
كما يظهر العمل النزاعات مع الوزراء وجنود الجيش الإنكشاري مع استعراض الجوانب الإنسانية والشخصية لحياة كوسم، بما في ذلك علاقاتها العائلية وتضحياتها للحفاظ على مكانتها وحماية أسرتها.
شخصيات Kösem Sultan
في مسلسل السلطانة كوسم Kösem Sultan، ظهرت الشخصيات التاريخية بقوة بفضل الأداء المميز للممثلين الذين جسدوا ببراعة تعقيدات الأدوار.
أناستاسيا تسيليمبو، الممثلة اليونانية الشابة، تمكنت بحساسية عالية من أداء دور كوسم لكن التحول الكبير في الشخصية جاء عندما تولت النجمة التركية بيرين سات تجسيد دور السلطانة في مراحل متقدمة.
بيرين سات تمكنت من تقديم دور السلطانة كامرأة قوية وطموحة، لكنها دائماً ما تواجه تحديات هائلة ضمن دراما تركية مشوقة وممتعة.
وقد حظي أداء بيرين بإشادة النقاد، بفضل قدرتها على تجسيد الصراعات الداخلية لكوسم، من حبها العميق لعائلتها إلى قسوة المناورات السياسية التي اضطرت للقيام بها.
من بين الشخصيات الأخرى البارزة، كان أكين كوش الذي جسد دور السلطان أحمد الأول، وأظهر الجوانب الإنسانية للسلطان الذي أحب كوسم.
وشكلت علاقة كل من كوسم والسلطان أحمد المحور الأولي للأحداث. بينما تألق متين أكدولجار، في دور السلطان مراد الرابع، حيث جسد الشخصية القاسية والمتحكمة بمهارة محققاً توازناً بين القوة والصراعات الشخصية.
فرح زينب عبد الله قدمت دور الأميرة فاريا، إحدى الشخصيات النسائية الهامة، خاصة من حيث علاقتها مع السلطان أحمد ودورها السياسي في تلك الحقبة.
أما هوليا أفشار، فقد نجحت في دور السلطانة صفية، وأدت دورها بعمق، حيث أظهرت الصراعات الداخلية للسلطة، مقدمةً مشهداً معقداً للعلاقات والنفوذ بين نساء القصر.
أحداث درامية مشوقة
يعكس مسلسل السلطانة كوسم الذي يعد دراما تركية تاريخية مميزة الأحداث التي تلت وفاة السلطان أحمد الأول في عام 1617 حين دخلت الإمبراطورية العثمانية في مرحلة اضطرابات سياسية وعائلية.
في البداية، لم تكن كوسم تملك أي سلطة رسمية، ولكن بفضل ذكائها وقدرتها على المناورة السياسية، تمكنت من تأمين مستقبل أبنائها وحمايتهم من الصراعات الدائرة حول العرش.
استطاعت السلطانة في Kösem Sultan أن تبقى قريبة من مركز السلطة رغم التحديات، وبرزت كقوة فعالة في القصر العثماني.
عندما تولى ابن كوسم مراد الرابع العرش وهو في سن الحادية عشرة، أصبحت السلطانة الوصية عليه والحاكمة الفعلية للدولة.
خلال تلك الفترة، أظهرت حنكة سياسية وقدرة كبيرة في إدارة شؤون الدولة، مما عزز مكانتها ونفوذها.
لكن بعد أن بلغ مراد سن الرشد، قرر تقليص نفوذ والدته. توترت العلاقة بينهما إلى درجة أنه هددها بالنفي إذا استمرت في التدخل في شؤون الحكم وهو ما تعكسه حلقات المسلسل الذي يعد أبرز دراما تركية مشوقة وممتعة.
يذكر أن الدراما التركية التاريخية تصبح أحد أكثر الصناعات التلفزيونية تأثيراً عربياً وعالمياً وللمزيد يمكن قراءة المقال التالي: "نهضة السلاجقة Büyük Selçuklu.. قصة أقوى مسلسل تركي تاريخي".