برزت العلاقات التجارية التركية العربية بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، ويسعى الطرفان إلى توطيد هذه العلاقات خاصة بين تركيا ودول الخليج عن طريق زيادة حجم التبادل التجاري وبناء جسور نقل للبضائع.
في هذا الإطار، برز مشروع إنشاء سكة حديد تربط تركيا ودول الخليج، بهدف تسهيل نقل البضائع التركية إلى البلدان العربية والعكس، ولاقت فكرة المشروع استحسان الطرفان.
وتحدث رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا رئيس لجنة الأعمال التركية - القطرية بشار أورغلو، عن إمكانية ربط تركيا ودول الخليج سككيا عبر الكويت مرورا بالعراق.
جاء ذلك في لقاء بشار أورغلو مع مجموعة من ممثلي الصحف القطرية في إسطنبول، بحسب ما ذكرت صحيفة "الشرق" القطرية، في 18 سبتمبر/أيلول 2022.
ونفى أوغلو وجود خطط تهدف لربط تركيا بقطر سككيا بشكل مباشر، مشيرا إلى إمكانية ربط تركيا بالعراق ومن ثم الكويت في المرحلة القائمة، مؤكدا على الفائدة الاقتصادية الكبيرة التي ستعود على جميع الأطراف.
سكة حديد تربط تركيا ودول الخليج مرورا بالعراق
في الحقيقة، فكرة إنشاء سكة حديد تربط تركيا بالبلاد العربية ليست بالأمر الجديد.
فقد عمل السلطان عبد الحميد الثاني على إنشاء سكة حديد إسطنبول - بغداد، والتي كانت تمر بمدينة مرسين والعراق وبعض المناطق السورية.
إلا أن هذا المشروع الذي واجهه الكثير من التحديات لم يكتمل بناءه في عهد السلطان عبد الحميد.
واستغرقت أعمال إنشاء سكة حديد إسطنبول - بغداد ما يقارب الـ 37 عاما حتى تنفيذ هذا المشروع.
واستمر المشروع بالعمل كسكة حديد اقتصادية تقتصر على نقل البضائع حتى العام 1970، إلى أن توقف بسبب الضغوضات الاقتصادية والسياسة عليه آنذاك.
عاد الحديث مرة أخرى عن إعادة إحياة سكة حديد إسطنبول - بغداد مع الرغبة بعمل توسيعات لتصل بين تركيا ودول الخليج بشكل مباشر.
وبحسب التصريحات الرسمية فإن المخططات الموجودة حاليا تهدف إلى إنشاء سكة حديد تصل بين مدينتي إسطنبول ومرسين في تركيا، لتمر بعدها ببغداد ومن ثم الكويت التي ستعتبر بوابة دول الخليج.
تنقل البضائع التركية إلى دول الخليح عادة باستخدام وسائل النقل البحري والجوي، لكن وصولها إلى هذه الدول عن طريق البحر يطول جدا، كما أنه مكلف للغاية عن طريق الجو.
ولكن مع إنشاء سكة الحديد المفترضة، ستتمكن تركيا من تصدير بضائعها إلى دول الخليج بكل سهولة وبتكلفة أقل، دون الإضرار بالبضائع.
ولا يقتصر المشروع بشكل أساسي على السكة الحديدية فحسب، بل إن المخططات والتصورات الموجودة تعمل على إنشاء خط بري آمن يضمن حركة الأشخاص والسيارات والعربات المحملة بالبضائع.
الكويت بوابة الخليج وإسطنبول بوابة أوروبا
في نفس السياق، تحتاج تركيا ودول الخليج لبناء سكة حديد توصلهما بشكل أسرع وأقل تكلفة.
وينطبق ذات الوضع على حاجة دول الخليج أيضا لهذه السكة من أجل تصدير واستيراد البضائع مع أوروبا.
فبفضل هذه السكة سيكون من السهل على دول الخليج تصدير البضائع عن طريق البر ليكون مسار البضائع المصدرة "الكويت- العراق- تركيا- أوروبا"، والعكس عند الاستيراد.
وهذا ما سيكسب تركيا دورا مهما لتصبح بمثابة حلقة وصل بين الدول العربية وأوروبا بفضل موقعها الجغرافي المتميز.
ويرى المحلل التركي رضوان أوغلو أن تنفيذ مشروع كهذا ليس بالأمر السهل، مشيرا إلى احتمالية عدم موافقة العراق على مرور السكة الحديد على أراضيها لأسباب سياسية، على الرغم من العائد المادي والاقتصادي الضخم الذي ستجنيه.
وأوضح أوغلو أن هذا المشروع لن يتم سوى بالاتفاق بين تركيا والعراق والكويت، مع أخذ الأمر من الناحية الاقتصادية دون خلطه بالسياسة.
التبادل التجاري بين تركيا ودول الخليج
وتسعى تركيا إلى تطوير علاقاتها التجارية مع الدول العربية بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص.
وفي هذا السياق تنفذ الحكومة التركية العديد من الإجراءات التي من شأنها تسهيل العمليات التجارية بين الجانبين.
كالإعفاء الجمركي والضريبي لبعض البضائع، وتسهيل حركة النقل والشحن من وإلى الدول العربية.
بحسب البيانات الصادرة عن وزارة التجارة التركية، فإن ما نسبته 26.3% من صادرات تركيا تستوردها الدول العربية وعلى رأسها العراق.
وبلغت صادرات تركيا إلى العراق من إجمالي الصادرات التركية خلال الأشهر الـ 9 الأولى للعام 2022 ما يقدر بـ .5.9%، تلتها الإمارات بـ 5.2%.
وهذا ما أكدته هيئة الإحصاء التركية في تفريرها السنوي، مشيرة إلى تطور عجلة التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية.
وفي نفس الإطار، بلغ حجم الصادرات بين تركيا والسعودية 1.7 مليار دولار عام 2020، ليصل بعدها إلى 3 مليارات دولار عام 2021.ويتوقع الخبراء زيادة في قيمة العمليات التجارية المتبادلة بين البلدين مع حلول عام 2023.