هل تعيش في تركيا أو تفكر في السفر إليها للعمل أو الدراسة أو الانتقال للحياة وبناء مستقبلك ضمنها؟ إذا كان جوابك نعم فمن الأمور البديهية أن تعلم بأساسيات القوانين فيها ومنها أساسيات قانون العقوبات التركي.
فهم القوانين بمختلف أنواعها في أي بلد تعيش فيه هو مفتاح نجاحك واستقرارك وهي بمثابة خريطة ترشدك للتصرف الصحيح وتضمن لك حقوقك وتعرفك بواجباتك وتحذرك من الوقوع فيما قد يسبب لك مشاكل أنت بغنى عنها.
في هذا التقرير نسلط الضوء على أساسيات قواعد قانون العقوبات التركي خاصة المواد التي تهم العرب في تركيا والتساؤلات التي تخطر على بال مختلف المقيمين وتساعد في تثقيفهم عبر فهم أهم البنود القانونية.
وتتضمن القوانين التركية كأي قانون في العالم مجموعة من المبادئ الأساسية التي تشكل أساس تطبيقه وتهدف إلى تحقيق العدالة ومنع الجريمة وحماية المجتمع والحفاظ على الأمن والنظام العام في تركيا.
مبادئ قانون العقوبات التركي
وسواء كنت مواطناً عادياً، محامياً، قاضياً أو موظفاً حكومياً فإن معرفة مبادئ قانون العقوبات ضرورية لمساعدتك على فهم حقوقك وواجباتك.
تؤهلك معرفة مبادئ القوانين بشكل عام لاتخاذ القرارات الصحيحة في حياتك اليومية، سواء كانت قرارات شخصية أو مهنية.
ومن بين أبرز مبادئ قانون العقوبات التركي:
- مبدأ حماية حريات الأفراد وحقوقهم إذ لا يمكن التدخل في حياتهم وسلوكهم إلا بموجب القانون وبطرق محددة ومشروعة.
- مبدأ العدل والمساواة وعدم التمييز إذ ينص القانون التركي على أن الجميع متساوون بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الانتماء الديني أو الجنسية أو الطبقة الاجتماعية.
- مبدأ الشرعية بمعاقبة كل عمل إجرامي وفق القانون المحدد بشكل صريح، ولا يجوز تطبيق عقوبة إلا بعد إثبات الجريمة وتوفر الأدلة القانونية اللازمة.
- مبدأ إلزامية القوانين سواء في قانون العقوبات التركي أو غيرها من القوانين لا يعتبر الجهل بأي قاعدة عذراً لمرتكب الجرم القانوني وبالتالي يلزم بالعقوبة أو تطبيق الأحكام القضائية.
أحكام قانونية مهمة في تركيا
وهناك العديد من الأحكام القانونية المهمة في قانون العقوبات التركي التي تحدد الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها للمساهمة في بناء مجتمع أقوى وأكثر تماسكاً.
ومن أبرز تلك الأحكام:
- تشمل أحكام المادة 206 من قانون العقوبات التركي رقم 5237 كل شخص يقوم بتزوير تنظيم الوثائق الرسمية ويقدم معلومات كاذبة للموظف الحكومي المسؤول عن إصدار الوثائق، حيث تكون عقوبته الحبس من 3 أشهر إلى عامين أو غرامة قضائية.
- المادة 90 من قانون العقوبات تتناول عقوبة جريمة إجراء تجارب علمية على الإنسان دون تصريح وإذن رسمي من الجهات المختصة. وفي حال وقوع هذه الجريمة بشكل لا يؤثر على صحة الإنسان أو يمس بكرامته الإنسانية تكون العقوبة الحبس من سنة إلى 3 سنوات.
- المادة 53 التي تتناول الحالات التي تُحظر فيها بعض الحقوق للأشخاص المدانين المحكوم عليهم بالسجن، مثل عضوية البرلمان وحق التصويت والوصاية.
يمنع المدان بأحكام قضائية في تركيا من ممارسة بعض المهن والفنون، ولا يُسمح له باستخدام هذه الحقوق حتى تحقق شروط مختلفة مثل إنهاء العقوبة والقيام بإجراءات عديدة تختلف من حالة لأخرى.
تخفيض العقوبة أو إزالتها بقانون العقوبات
ينص قانون العقوبات التركي على بنود خاصة بإمكانية التخفيض أو رفع العقوبة في حالات محددة.
وهذا الأمر هو فرصة للمتهمين للحصول على تخفيض في العقوبة أو إلغائها بناءً على الظروف الخاصة بكل حالة.
ولا يعاقب كل من امتثل لأحكام القانون وعمل بها في حالة الدفاع الشرعي عن النفس.
1. الإهمال والدفاع عن النفس
لا يُعاقب حسب القانون مرتكب الجناية على الأفعال التي ارتكبها لمنع وصد هجوم ظالم وقع بحقه.
لكن يؤخذ بعين الاعتبار نوع الهجوم بما يتناسب مع الموقف والظروف في تلك اللحظة.
وفي موقع أوراق تركيا تناولنا بمقالات سابقة قضية الدفاع عن النفس والمعايير التي لا يعاقب فيها مرتكب الجناية: "الدفاع عن النفس في القانون التركي 2023.. كل ما تريد معرفته".
ومن الأمثلة الأخرى استخدام الحقوق وفقاً لموافقة الشخص المعني وهو ما يعد سبباً لخفض المسؤولية الجنائية.
وبموجبه لا يمكن معاقبة أي شخص على فعله إذا تم القيام به بناءً على موافقة صريحة من الشخص المعني.
وفقاً للمادة 27 من القانون التركي في حال تجاوز الحد بدون قصد ولأسباب تلغي المسؤولية الجنائية، يتم تخفيض عقوبة جريمة الإهمال من السدس إلى الثلث.
وإذا كان الفعل يعتبر دفاعاً مشروعاً عن الحدود ونتج عنه إثارة أو خوف أو إلحاح، فلا يُعاقب الجاني.
2. جناية بالخطأ أو بقوة العنف والتهديد
وينص قانون العقوبات التركي أيضاً على عدم معاقبة من ارتكب جريمة نتيجة الجبر أو القوة أو العنف الذي لا يستطيع مقاومته أو الهروب منه أو نتيجة التهديد الشديد والترهيب مع إلزامية إثبات ذلك.
وفي مثل هذه الحالات يعتبر مرتكب الجريمة من مارس العنف والقوة والتهديد والترهيب.
ووفق القانون التركي فإن من ييرتكب خطأ غير متعمد نتيجة عدم معرفته بالعناصر المادية لتعريف الجريمة يتم حجز المسؤولية عنه بسبب الإهمال.
ويُعاقب من يرتكب جريمة تحت تأثير الغضب أو الألم الشديد الناتج عن عمل غير عادل بالسجن لمدة تتراوح بين 18 و24 عاماً عوضاً عن السجن المؤبد المشدد.
وفي حالات أخرى يتم تخفيف العقوبة المفروضة بنسبة تتراوح بين ربع وثلاثة أرباع.
3. جرائم الأطفال والمريضين عقلياً
كل من يرتكب جرائم من الأطفال الذين لم يصلوا إلى عمر 12 سنة لا يتم تحميلهم مسؤولية جنائية ولا يجوز مقاضاتهم جنائياً.
وقد يتم مراعاة تطبيق احتياطات سلامة الأطفال حسب القضية والمريض عقلياً لا يُعاقب نتيجة تأثير مرضه على إدراك القانون والنتائج المترتبة على الفعل الذي ارتكبه.
لذلك يتم فرض تطبيق تدابير أمنية على مثل هؤلاء الأشخاص ويُعامل الصم والبكم نفس معاملة الأطفال المذكورة آنفاً من حيث المسؤولية الجنائية مع مراعاة بعض التفاصيل المرتبطة بالعمر.
وينطبق ذلك أيضاً على من لا يكون قادراً على فهم المعنى القانوني والنتائج المترتبة على الفعل الذي ارتكبه لسبب مؤقت أو تحت تأثير الكحول أو المخدرات التي تم تناولها بدون قصد.
ولا يتعرض للعقاب أيضاً الشخص الذي تنخفض بشكل كبير قدرته على توجيه سلوكه فيما يتعلق بهذا الفعل، لا يتعرض للعقاب.
ويراعى في تطبيق هذه الآليات تقييم القضاء وظروف كل حالة ومصلحة المجتمع وحماية الضحايا.
تساؤلات شائعة عن قانون العقوبات التركي
وهناك تساؤلات أخرى نقلتها جمعية اللاجئين في تركيا عن قانون العقوبات التركي نورد لكم أبرزها.
ومن أهم تلك التساؤلات:
1. ما عقوبة جريمة القتل في القانون التركي؟
والعقوبة وفقاً لقانون العقوبات التركي تتنوع حسب ظروف الجريمة والمحكمة التي تصدر الحكم وتكون السجن المؤبد لمرتكب جريمة القتل المتعمد.
و تكون العقوبة السجن من 20 إلى 25 سنة بدلاً من السجن مدى الحياة المشدد في حال القتل المتعمد بسبب الإهمال.
وفي حال تسبب الإهمال في وفاة شخص تكون العقوبة من 2 إلى 6 سنوات.
وفي حال تسبب الفعل بمقتل شخص أو أكثر فيُحكم على المتسبب بالسجن من 2 إلى 15 سنة.
وللمزيد عن إحكام وعقوبات القتل والإيذاء بالقانون التركي يمكن قراءة المقال التالي: "ما عقوبة الإيذاء أو القتل أثناء المشاجرة في القانون التركي؟".
2. ما عقوبة السرقة في تركيا؟
ومن التساؤلات الشائعة الأخرى عقوبة السرقة في القانون التركي إذ تتنوع حسب قيمة المسروقات وظروف الجريمة.
ومثلًا وفق المادة 141 من قانون العقوبات يُحكم على الشخص الذي يسرق منقول لشخص آخر من المكان الذي يتواجد فيه ويستخدمه لمنفعته أو لمنفعة غيره بالحبس من سنة إلى 3 سنوات.
ويعاقب على سرقة البضائع حسب المادة 142 بالسجن من 3 إلى 7 سنوات وفي حال سرقة البضاعة التي يمكن للجميع الوصول إليها ولكن موجودة ومحفوظة ضمن مبنى فتكون العقوبة السجن من 5 إلى 10 سنوات.
3. ما عقوبة العنف الأسري؟
ومن الأسئلة الرائجة عقوبة العنف الأسري في تركيا التي يتعامل معها القانون بجدية ويعاقب عليها بالحبس من سنة إلى 3 سنوات وبشكل خاص كل من يتسبب عمداً في ضرب زوجته وجعلها تتألم أو يتسبب في تدهور صحتها وقدرتها على الإدراك.
وحسب المادة 86 من قانون العقوبات التركي إذا كان الضرر طفيفاً يمكن معالجته طبياً تكون العقوبة من أربعة أشهر إلى سنة واحدة أو غرامة مالية عند تقديم شكوى من قبل الزوجة.
وللمزيد حول أحكام العنف الأسري في تركيا يمكن قراءة المقال التالي: "العنف الأسري.. ما عقوبة ضرب الزوجة في تركيا؟".