كثيراً ما يتردد مصطلح غسيل الأموال في تركيا ولا يعلم الجميع معناه حتى وإن أدركوا أنه يخص جريمة من الجرائم الخطيرة لكن ما هو وما هي عقوبته وفق قانون العقوبات التركي؟
في مقالنا هذا نتحدث عن تلك العمليات المالية التي قد تكون جزءاً من شبكة خفية تعمل في الظلام وتحول الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية إلى ما يبدو وكأنه مال نظيف وقانوني.
تهدد هذه الجريمة استقرار النظم المالية والاقتصادية ولهذا لم يتهاون فيها قانون العقوبات التركي رقم 5237 علماً أنها لا تعرف حدوداً جغرافية وتبرز كتحدٍ عالمي يتطلب يقظة وجهود دولية لمن انتشارها.
وما زاد من أهمية مكافحة جرائم غسيل الأموال ارتباطها بالإرهاب والمنظمات الإجرامية التي تسعى لتمويل نفسها من خلال غسل الأصول الإجرامية أو عبر ما يسمى المال الأسود.
غسيل الأموال بالقانون التركي
تسمى جريمة غسيل الأموال باللغة التركية Kara Para Aklama Suçu وعرّف القانون التركي هذه الجريمة بأنها تحويل المال الناتج عن نشاط إجرامي إلى ما يبدو أنه قانوني يمكن تداوله في النظام المالي.
والهدف الرئيسي من مثل هذه الجرائم إخفاء المصدر الأصلي للمال الناتج عن جريمة وإدخاله في دورة اقتصادية ليبدو وكأنه مال شرعي بعدما كان ناتجاً عن مخدرات، تهرب ضريبي، فساد، احتيال وما شابه ذلك.
وتمر الجريمة بمراحل عدة أولها الإيداع من خلال إدخال الأموال غير المشروعة للنظام المالي في بنك أو من خلال شراء عقار وما شابهها من وسائل تليها مرحلة التغطية وفيها تجري سلسلة من التحويلات المالية.
تجري تلك التحويلات بين حسابات مختلفة وفي بلدان متعددة لتعقيد تتبع المصدر الأساسي للأموال وأخيراً مرحلة الدمج واستخدام تلك الأموال في أنشطة تجارية واستثمارية لا تثير الشكوك وفق ما نقله موقع hurriyet.
قد تجري تلك المراحل بشكل مدمج مع بعضها أو مكرر مثل تقسيم مبالغ بيع المخدرات إلى أموال صغيرة وإيداعها بواسطة وسيط نقل أموال وتحويلها كدفع مقابل خدمات شركة وهمية.
وعرفت اتفاقية فيينا عام 1988 غسيل الأموال بأنها: "تحويل أموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من جريمة أو جرائم لإخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو قصد مساعدة شخص متورط في ارتكاب مثل هذه الجرائم في تركيا للإفلات من العقاب".
أساليب Kara Para Aklama Suçu
تقع جريمة غسيل الأموال في تركيا وفقاً قانون العقوبات التركي بأساليب مختلفة منها:
تأسيس شركة وهمية، أو إظهار نشاط تجاري غير موجود لإظهار أن الأموال التي تم الحصول عليها شرعية.
استخدام الأموال غير المشروعة في استثمارات دولية من خلال تضخيم أو تقليل قيمة البضائع المصدرة أو المستوردة وبالتالي إخفاء مصدر المال وإبعاد الشكوك عن ذلك.
منصات التواصل الاجتماعي خاصة هدايا تيك توك على البث المباشر وهي ظاهرة شائعة بشكل كبير حالياً وتعمل الحكومات على ملاحقتها وضبطها.
أخيراً يمكن لغسيل الأموال أن يتم عن طريق الاستثمارات وخاصة العقارية لإظهار أن الأرباح الناتجة هي جزء من مبيعات أموال غير مخالفة لبنود القوانين في تركيا.
ماذا يقول قانون العقوبات التركي؟
أدرج قانون العقوبات التركية رقم 5237 عقوبة غسيل الأموال ضمن المادة 282 التي تؤكد أن: "كل من استولى على أموال في الخارج، ناتجة عن جريمة تستلزم عقوبة السجن لمدة ستة أشهر فأكثر أو أخضعها لإجراءات مختلفة بقصد إخفاء مصدرها غير المشروع أو خلق الاعتقاد بأنه تم الحصول عليها بوسيلة مشروعة. يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات وما يصل إلى عشرين ألف يوم في السجن".
كما "يعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات كل من اشترى أو قبل أو احتفظ أو استعمل قيمة الممتلكات موضوع هذه الجريمة مع علمه بهذه الخاصية دون الاشتراك في ارتكاب الجريمة الأصلية".
وإذا ارتكبت هذه الجريمة موظف عام أو أحد ذوي مهنة معينة أثناء أداء هذه المهنة، تزاد عقوبة السجن المقررة إلى النصف وتزداد بمقدار عقوبة واحدة إن ارتكبت الجريمة في إطار أنشطة منظمة تشكلت لارتكاب جرائم.
وتبلغ فترة التقادم على جرائم غسيل الأموال وفق قانون العقوبات التركي 15 سنة علماً أن المحكمة المسؤولة عن متابعة القضايا من هذا النوع هي: "المحاكم الجزائية الابتدائية" حسب المحامي التركي Ferhat Bulut.