تتميز مكتبات تركيا بكونها الذاكرة البصرية والأدبية للبلاد بما تحويه من ملايين الوثائق التاريخية التي تحتفظ بها حتى يومنا هذا.
وقد بدأ تقليد المكتبة في تركيا منذ 900 عام عند إنشاء أول إمارات تركية في الأناضول، وفي مرحلة الدولة العثمانية، أنشئت أول مكتبة في إزنيق (تتبع لولاية بورصة) في عهد المؤسس عثمان الأول.
ولاحقا بنيت مكتبة ثانية من قبل لالا شاهين باشا في ولاية إدرنة، وقد جرى تشغيل جميع مكتبات تركيا التي أنشئت في هذه الفترة من خلال مؤسسات وقفية.
وعندما بدأت الحروب والتمردات والحرائق في إتلاف مكتبات تركيا في الفترات الأخيرة من الدولة العثمانية، قرر السلطان عبد الحميد الثاني اتخاذ بعض التدابير لضمان عدم فقدان التراث الثقافي العثماني.
وتعود فكرة إنشاء مكتبة مؤسسية داخل الدولة إلى هذه الفترة، أي السنوات التي كان فيها السلطان عبد الحميد الثاني في السلطة.
ومع حلول عام 2021 بلغ عدد مكتبات تركيا العامة في عموم البلاد 1252 بما فيهما مكتبات الجامعات التي وصل عددها إلى 612.
أعددنا لكم في منصة أوراق قائمة تعرف بأقدم مكتبات تركيا العامة:
مكتبة إنيبي للمخطوطات (İnebey Yazma Eserler Kütüphanesi) - بورصة
كانت مكتبة مخطوطات إنيبي تخدم في مدرسة إنيبي التي بنيت في عهد السلطان يلدريم بايزيت.
تعد غرفة المكتبة، الواقعة في الطابق العلوي من المدرسة، أول مكتبة كبيرة معروفة للدولة العثمانية.
وقد استخدمها صاحب المبنى كمصنع تعليب حتى عام 1962. بعد ذلك، اشترت المديرية العامة للمؤسسات مدرسة إنيبي مرة أخرى واشترطت أن يجري استخدام المبنى كمكتبة.
بدأ المبنى في العمل كمكتبة مرة أخرى عام 1969، إذ يعد أحد الأمثلة الأصلية للعمارة العثمانية في القرن الرابع عشر.
تتكون مجموعة المكتبة في الغالب من الأعمال العثمانية والفارسية، وقد جرى نقل كل هذه الأعمال إلى الوسائط الرقمية.
ويمكن الحصول على نسخ رقمية لجميع المستندات التي يطلبها الزائر دون أن يصبح عضوا فيها.
مكتبة السليمانية للمخطوطات (Süleymaniye Yazma Eserler Kütüphanesi) - إسطنبول
تأسست مكتبة السليمانية للمخطوطات عام 1557 مع افتتاح مجمع السليمانية.
في تلك السنوات، لم يكن هناك مبنى خاص بالمكتبة، لكن الكتب كانت ترسل بانتظام من مكتبة القصر إلى مبنى المجمع.
وقد أصبحت مكتبة رسميا عام 1918، بعد تحويل مدرستي مجمع السليمانية إلى مكتبة، ثم بدأ العديد من الأشخاص بالتبرع بآلاف الوثائق.
لهذا السبب توجد في هذه المكتبة أبسط وأندر وثائق الثقافة التركية الإسلامية المكتوبة بالحروف العربية.
في الوقت نفسه، من الممكن العثور على أجمل الأمثلة على الفن العثماني التقليدي مثل المنمنمات (صور مزخرفة أو رسوم توضيحية) والخط والرخام.
في السنوات الأخيرة، مثل مكتبات تركيا القديمة والعامة الأخرى، جرى رقمنة مكتبة مخطوطات السليمانية من خلال جعلها مواكبة للتكنولوجيا.
تقدم المكتبة خدمة ذات معايير دولية لآلاف الباحثين المحليين والأجانب كل عام، إذ تحتوي على غرفة دراسية لطيفة للغاية وهادئة.
مكتبة بايزيد الحكومية (Beyazıt Devlet Kütüphanesi) - إسطنبول
مكتبة بايزيد الحكومية، التي بدأت تعمل تحت اسم المكتبة العثمانية العامة (Kütüphane-i Umumi-i Osmani) عام 1884، تعتبر أول مكتبة مؤسسية من بين مكتبات تركيا.
كما تعد هذه المكتبة أيضا من بين أقدم مكتبات تركيا.
عندما أنشئت المكتبة لأول مرة، كانت الآثار الأدبية للمؤرخ المعروف للدولة العثمانية مصطفى نعيمة، والمسماة بـ "تاريخ نعيمة" وحدها على الرفوف.
مع مرور الوقت، تحولت الأعمال التي جمعت من زوايا الدراويش إلى بنك معلومات غني بالكتب والوثائق المشتراة التي جرى التبرع بها للمكتبة.
وكانت هناك زيادة كبيرة في موارد المكتبة، خاصة بعد صدور قانون جمع وتصنيف المخطوطات المطبوعة، الذي سُن عام 1934 بناء على طلب مؤسس الجمهورية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
وبفضل هذا القانون، بات يجب إحضار أي نسخة من جميع أنواع المنشورات المطبوعة في تركيا إلى هذه المكتبة، وعلى إثر ذلك، شهدت أزمة بسبب صغر مساحتها، ما أدى إلى توسيعها.
اليوم تستمر مكتبة بايزيد في النمو والخدمة، إذ تعد محطة لا غنى عنها للمؤرخين من بين مكتبات تركيا، وذلك بما بتحويه من أكثر من مليون وثيقة تحتضنها المكتبة.
المكتبة الوطنية (Milli Kütüphane) - إزمير
ساهمت في تشكيل الحياة العلمية لمدينة إزمير وتركيا عموما منذ عام 1912.
قبل إنشاء المكتبة الوطنية، كان لدى السكان الأتراك المسلمين في إزمير بعض أنشطة المكتبات.
ومع ذلك، جرى تنفيذ هذه الأنشطة من خلال المساجد والمقاهي، وخلال فترة الدولة العثمانية، كان لدى شعوب الأقليات التي تعيش في إزمير مكتبات كبيرة وحديثة للغاية.
وقد ظهر مفهوم الوطنية خلال الإعلان الدستوري الثاني عام 1908، وطفت على السطح فكرة أن يكون لدى الأتراك مكتبة وطنية.
ولذلك في عام 1911، بدأ رواد هذه الفكرة العمل الأول على إنشاء المكتبة.
وبدأت المكتبة بمبادرة خاصة، ونظرا لافتقارها إلى الدعم الحكومي، فقد جرى البحث لسنوات عديدة عن طرق لكي تتمكن المكتبة من تمويل نفسها.
وخلال الحرب العالمية الأولى جاء حاكم إزمير رحمي بك، إلى المكتبة وخصص أرضا لبناء مرافقها.
وفي عام 1926، مع عائدات سينما قصر الحمراء التابعة للمكتبة، جرى البدء في بناء مبنى على الطراز المعماري الكلاسيكي الجديد، وفي العام العاشر للجمهورية التركية، افتتح هذا المبنى بحماس كبير.
واليوم، تواصل المكتبة، التي تضم مجموعتها أكثر من مليون قطعة وكتاب، خدمة المواطنين في إزمير بمبناها الرائع وأجوائها الهادئة.
مكتبة أتاتورك (Atatürk Kitaplığı) - إسطنبول
أنشئت مكتبة أتاتورك عام 1924 داخل بلدية إسطنبول بجهود غير عادية من عثمان نوري إرجين.
وقد جرى جمع مجموعات المكتبة في منزل أتاتورك بمنطقة شيشلي ومدرسة بيازيد في السنوات الأولى.
وبحلول الستينيات من القرن الماضي، لم تكن الوثائق الخاصة بمكتبة أتاتورك تتناسب مع المدرسة أو الأماكن التي خصصتها البلدية لها.
في عام 1973، في الذكرى الخمسين لتأسيس الجمهورية، جرى البدء في تشييد مبناها الجديد، حيث لا تزال المكتبة تخدم حتى يومنا هذا. وبموقعها في قلب المدينة، أصبحت عنوانا لا غنى عنه لدى اكثير من الباحثين والطلاب.
تمتاز المكتبة بوجود العديد من الأعمال النادرة فيها مثل الكتب الأجنبية والمخطوطات ونُسخ الصحف المحلية والأجنبية والبطاقات البريدية وألبومات الصور والخرائط والطباعة الحجرية والوثائق الشخصية.
المكتبة الوطنية (Milli Kütüphane) - أنقرة
أنشئت المكتبة الوطنية عام 1948 لتمكين الدراسات الثقافية الوطنية، وهي تضم أكبر أرشيف من بين مكتبات تركيا بأكثر من 4 ملايين وثيقة.
اكتسبت المكتبة هويتها القانونية عام 1950، وكانت قد بدأت العمل في المبنى الذي يستخدم اليوم كمكتبة محافظة أنقرة العامة.
بدأت أعمال بناء المبنى الجديد للمكتبة الوطنية عام 1973، ونقلت المكتبة الوطنية إلى مبناها الجديد في تشانكايا، والذي لا يزال قيد الخدمة حتى اليوم، مع احتفال رسمي عام 1983.
يحتوي هذا المكان المكون من 3 أبنية على العديد من المرافق مثل المعامل والمطابع وقاعات القراءة والدراسة المتعارف عليها في مكتبات تركيا الحديثة.
وكانت المكتبة تعمل بهويتها الخاصة الطويلة رغم أنها تابعة لوزارة الثقافة والسياحة التركية.
لكن جرى إلغاء وضع المكتبة هذا بالقرار الرئاسي رقم 1 لعام 2018 وربطها بالمديرية العامة للمكتبات والمطبوعات.
مؤسسة مركز المعلومات ومكتبة أعمال المرأة (Kadın Eserleri Kütüphanesi ve Bilgi Merkezi Vakfı) - إسطنبول
اكتسبت مؤسسة مكتبة الأعمال النسائية ومركز المعلومات صفتها القانونية عام 1990، وهي المؤسسة الأولى والوحيدة في تركيا التي يجري فيها الحفاظ على الموارد التاريخية للمرأة.
بدأت المكتبة تخدم في المبنى التاريخي في منطقة القرن الذهبي، حيث تواصل أنشطتها اليوم.
وقد بذلت ناشطات نسويات مثل Aslı Davaz وSirin Tekeli وJale Baysal جهودا كبيرة لتجميع جميع سجلات تاريخ المرأة.
وتمكنت المكتبة من احتواء العديد من الوثائق حول النساء من أقدم تواريخ الدولة العثمانية حتى يومنا هذا.
في هذه المكتبة، يمكنك العثور على جميع مصادر المعلومات حول النساء من الرسائل إلى الملصقات ومن قصاصات الصحف إلى الأعمال الفنية.
وتعتبر مؤسسة مركز المعلومات والمكتبة النسائية، بمجموعاتها الـ 16 المنفصلة، هي العنوان الذي لا غنى عنه التعرف على تاريخ المرأة. وتعد واحدة من أقدم مكتبات تركيا.
ومنذ عام 1990، جرى تنظيم العديد من الأنشطة مثل الندوات والمؤتمرات والمسرح وعروض الأفلام وأيام قراءة الكتب داخل المكتبة من أجل الوصول إلى جميع شرائح المجتمع.