تعتبر ماردين، واحدة من المدن القديمة في الأناضول، إذ يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وهو ما يجعلها مليئة بالأماكن التاريخية التي جعلت منها شاهدة على خليط من الأعراق والحضارات والثقافات المختلفة.
تقع المدينة جنوب شرق منطقة الأناضول على حدود سوريا في موقع يجعل منها جسرا بين سوريا والعراق وتركيا، إذ تقع على منحدر مواجه للجنوب في سهول بلاد ما بين النهرين (دجلة والفرات).
تاريخ مدينة ماردين التركية Mardin
وقد كان الآشوريون من بين أوائل من استوطنوا في المدينة خلال القرن الخامس الميلادي، ثم حكمها العرب بين عامي 640 و1100م، ثم الإقطاعيون حتى عام 1517، وأخيرا العثمانيون والأتراك منذ ذلك العام حتى يومنا هذا.
بفعل تعاقب الحضارات عليها تاريخيا، شهدت ماردين تغييرا متفاوتا في اسمها، إذ كانت تسمى "ماردي" من قبل الفرس، و"مارديا" من قبل البيزنطيين، "ماريدين" من قبل العرب.
أما السوريون فقد كانوا يطلقون عليها "مردو، مردى، مردي"، إلى أن جاء الأتراك واستولوا على المدينة وأطلقوا عليها الاسم الحالي "ماردين"، وبهذا فإن اسمها الحالي تعود جذوره إلى تسمية العرب لها.
مساحة وسكان مردين Mardin
تبلغ مساحتها 8.891 كم، وتتكون من 10 مناطق مختلفة، وبحسب دائرة السكان التركية (النفوس)، بلغ عدد سكان ماردين 862 ألفا و757 نسمة حتى نهاية عام 2021.
70 % من السكان الأتراك، أصولهم كردية، و30 % أصلهم عربي، وأقل من 5 آلاف شخص من المواطنين تعود أصولهم إلى العرق السرياني.
وبعد شانلي أورفا وسيرت، تعتبر ثالث أكبر مدينة من حيث عدد السكان العرب.
ونتيجة لكل ما سبق تُعرف ماردين بأنها مدينة اللغات والأديان، إذ تعيش هذه التوليفة العرقية في تجانس وسلام منذ قرون طويلة.
أبرز الوجهات التاريخية والسياحية في مدينة ماردين التركية
بيوت ماردين Mardin Evleri
تقع في مركز المدينة، فعند المجيء إلى المدينة المليئة بالزخارف التاريخية، فإن أول ما سيثير إعجابكم سيكون منازل ماردين التاريخية بلا شك.
فهذه المنازل الساحرة ذات الألوان الترابية والتي بنيت بطريقة تتناسب مع المناخ والبنية الاجتماعية للمدينة، هي أهم قيمة في تاريخها.
تأسست هذه التحفة المعمارية لأول مرة على هيئة مدينة يبلغ طولها 2500 متر وعرضها 500 متر، ولحمايتها من عوامل الزمن والتعرية جرى إعلانها كمنطقة محمية عام 1979.
من أهم سمات المنازل أن ظل كل منزل لا يسقط على الآخر ولا يحجب الشمس.
قلعة ماردين Mardin Kalesi
تعرف باسم عش النشر، وهي قلعة تتصدر مُرتفعا يقع جزء كبير جدا من المدينة في ظهره.
لا يوجد أي هيكل قلعة متبقٍ من مبناها، ولكن الآثار الموجودة كافية لتعكس ما شاهدته هذه القلعة لمئات السنين وتاريخ المدينة.
يعود تاريخ القلعة إلى 2000 عام، وقد لعبت دورا مفصليا في انتصار وهزيمة العديد من الحضارات.
شوارع ماردين Mardin Sokakları
يمكنكم التجول في شوارع ماردين ذات المساحة الضيقة المرصوفة بالحصى، بدءا من الشارع رقم 1 في المدينة.
وهي ضيقة لدرجة أنه بالكاد يستطيع شخصان المرور فيها جنبا إلى جنب.
جرى تجديد جميع المنازل هنا وكلها بلون واحد، كما أن تناغم الألوان الذي تخلقه الشوارع، مُريح للعين من حيث بساطته.
متحف ماردين Mardin Müzesi
بني المبنى ككنيسة للسريان الكاثوليك من قبل بطريرك أنطاكيا عام 1895، ويتمتع بشكل عام بشكل هندسة قصور ماردين الكلاسيكية.
يعود تاريخ المكان كمتحف إلى عام 1947، وقد أعيد افتتاحه عام 2000م، بإشراف وزارة الثقافة التركية.
المسجد الكبير Ulu Camii
تعرض الجامع الكبير لأضرار كبيرة في تمرد عام 1832م، ولكن رُمم لاحقا. يُقدر أنه بُني في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر خلال فترة الأرتوق.
الجزء الأكثر لفتا للنظر في المسجد هو قبة الهيكل المقطع، التي بنيت بتقنية الحز. وقد استخدمت هذه التقنية لاحقا في العديد من المباني بالمدينة.
دير الزعفران Deyrulzafaran Manastırı
يقع على بعد مسافة 4 كم من مركز المدينة، وبني في القرن الخامس وفقا لمصادر تاريخية.
سمي الدير بالزعفران نسبة للنبتة التي نمت في المنطقة في القرن الخامس عشر.
وهذا الدير السرياني، يضم العديد من المباني مثل كنيسة مور هانويا وبيت القديسين.
دير مور جبرائيل التاريخي Tarihi Mor Gabriel Manastır
عاش فيه السريانيون لسنوات عديدة، إذ يعود تاريخه إلى ما قبل 1600 عام.
يطلق البعض على الدير لقب "القدس الثانية"، وسمي بأسماء مختلفة على مدار تاريخه.
يُعتقد أن سبب تسميته الحالي يرجع إلى رجل يدعى مور جبرائيل، كان قد عاش في القرن السابع وحصل على لقب قديس.
مدرسة الزنجيرية Zinciriye Medresesi
شيدت عام 1385م على يد السلطان الأرتقي الأخير ملك نجم الدين عيسى بن مظفر داود بن الملك صالح.
يمكن رؤيتها من أبعد نقطة ممكنة بقبابها المقطعة في الاتجاهين الشرقي والغربي وبوابة ضخمة في الشرق.
تغطي المدرسة المستطيلة مساحة كبيرة وتتكون من فناء ومسجد وقبر ومساحات إضافية مختلفة بمبنى مكون من طابقين.
كنيسة العذراء مريم وبطريركيتها Meryem Ana Kilisesi ve Patrikhanesi
تقع كنيسة العذراء والبطريركية التاريخية على بعد 27 كم من مركز ماردين، وتتألف من مبنيين منفصلين ككنيسة وبطريركية.
المبنى التاريخي، الواقع بجوار متحف ماردين، يُشعر الزائر بتاريخه القديم من حيث مظهره وشكله المعماري المميز.
جرى ترميم مبنى الكنيسة من قبل وزارة الثقافة التركية، وافتتح كمتحف عام 1995.
حمام الأمير Emir Hamamı
يعتبر رمزا من رموز ولاية ماردين، وأصبح معلما مهما في التعريف بالمدينة عبر صوره المذهلة.
بني المبنى داخل مجمع ايمونيدين Emuniddin في بداية القرن الثاني عشر.
وقد جرى بناء الحمام بناء على طلب الغازي أمين الدين Emineddin Ilgazi.