تقع غازي عنتاب داخل حدود منطقة جنوب شرق الأناضول، وهي تاسع أكبر مدينة مزدحمة في تركيا، وتعد واحدة من أقدم المدن في العالم.
يعود تاريخ غازي عنتاب إلى 5600 سنة قبل الميلاد، وكانت موطنا للعديد من الحضارات المختلفة بسبب موقعها الجغرافي.
ثبت أن الناس عاشوا في غاز عنتاب منذ العصر الحجري القديم، فاستوطن فيها البابليون في البداية، تحت سيطرة الحيثيين في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.
وبعد 1000 عام من الحكم الحيثي، انتقلت المنطقة إلى أيدي المصريين والميديين والآشوريين والفرس على التوالي.
قبل أن يغزو السلاجقة الأناضول عام 1071م، تعاقب الفرس والإسكندر الأكبر والرومان والبيزنطيون في السيطرة على غازي عنتاب.
كانت المدينة تسمى سابقا "عينتاب"، ويحكمها صغار السلاجقة حتى خضعت للحكم العثماني من قبل السلطان يافوز سليم عام 1516م.
خلال الفترة العثمانية، كانت هناك مجتمعات مسيحية كبيرة تعيش في المدينة، مثل الأرمن.
وقد أثر ذلك على الهندسة المعمارية للمدينة وضَمِنَّ وجود العديد من الكنائس التي يعود تاريخها إلى ذلك الوقت.
وحصلت المدينة التي استشهد فيها آلاف الأشخاص في حرب الاستقلال على لقب "غازي"، بفضل مثال البطولة الذي أظهرته.
في سياق آخر، شهرة الأطعمة المحلية في المدينة ليست فقط معروفة في تركيا، بل في جميع أنحاء العالم.
إذ أدرجت في قائمة المدن الإبداعية لليونسكو باعتبارها مدينة "فن الطهي" عام 2016م، وتشتهر بالبقلاوة والكباب والفستق الحلبي والقرع.
تبلغ مساحة المدينة 6.887 كم، وتتكون من 9 مناطق. ووفقا لآخر إحصائية أصدرتها دائرة السكان التركية عام 2021، بلغ عدد سكان غازي عنتاب، مليونين و130 ألفا و432 نسمة.
وتتنوع التركيبة العرقية للسكان فيها بين الأتراك والأكراد والشركس والعرب، ولكن الأتراك حتى يومنا هذا يشكلون الأغلبية ويليهم الأكراد، فالعرب ثم الشركس.
رصدنا لكم في التقرير التالي بعضا من أبرز المواقع الأثرية والسياحية الشاهدة على تاريخ المدينة العريق وتنوعها الطبيعي.
متحف زيوغما للفسيفساء (Zeugma Mozaik Müzesi)
يقع على بعد 3 كم من مركز المدينة، وتبلغ مساحته الكلية 1700 متر، ويعتبر من بين الأماكن التي يجب على الزوار رؤيتها قبل مغادرة غازي عنتاب.
إذ تعرض فيه فسيفساء يزيد عمرها عن 2000 عام، وقد جرى الحصول عليها من خلال الحفريات التي أجريت في مدينة زيوغما القديمة وأبرزها "فسيفساء الغجر - Çingene Mozaiği".
تجدر الإشارة هنا إلى أن المدينة تحتوي على 16 متحفا، تستعرض فيها موروثا تاريخيا وثقافيا مختلف.
قلعة غازي عنتاب (Gaziantep Kalesi)
تقع على بعد 750 متر من مركز المدينة. لا يزال تاريخ بناء قلعة غازي عنتاب وهوية بانيها لغزا غامضا.
تدين القلعة بشكلها الحالي للإمبراطور البيزنطي جستنيان ويقدر أنها بنيت في القرن السادس قبل الميلاد.
وتشير التقديرات إلى أن التلة التي تقع فيها القلعة - البالغ ارتفاعها 30 مترا- تعود إلى ما قبل 6000 عام.
يُعتقد أنه كانت هناك مدينة تسمى "ذيبان" حول القلعة، والتي تقع في أقدم نقطة في المدينة.
وقد بنيت هذه المدينة في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، وجرى تجديد القلعة أوائل عام 2000 لتكتسب مظهرها الحالي.
بيوت غازي عنتاب التاريخية (Tarihi Antep Evleri)
تقع على بعد 1.2 كم من مركز المدينة، تثير منازل عنتاب التاريخية الانتباه بميزاتها الفنية وهندستها المعمارية المبهجة.
تتكون المنازل من طابقين، وهي مبنية من حجارة خاصة، بحيث تُبقي المنازل دافئة في الشتاء وباردة في الصيف.
كما تتمتع بوجود فناء خاص لكل مع منزل مع مسبح. ويعتبر عدم وجود الشبابيك في الطوابق الأرضية أحد التفاصيل المهمة للغاية لضمان الخصوصية في المنازل.
نُزل غازي عنتاب التاريخية (Tarihi Gaziantep Hanları)
تقع على بعد 1.7 كم من مركز المدينة، وهناك العديد من النزل في غازي عنتاب التي يعود تاريخها إلى الحقبة العثمانية والسلجوقية.
إذ تحتل النزل مكانة مهمة بين الهياكل المعمارية المدنية السلجوقية والعثمانية.
ووفقا لتصميماتها فهي هياكل مبنية للقوافل التجارية والمسافرين لقضاء الليل.
متحف مطبخ غازي عنتاب (Gaziantep Mutfak Müzesi)
أنشئ المطبخ عام 1904م، وقد جرى ترميمه من قبل البلدية وافتتح كمتحف عام 2008، ويهدف إلى التعريف بثقافة الطهي في غازي عنتاب.
يبعد مسافة 2.6 كم عن مركز المدينة، وهو أول متحف لفن الطهي في تركيا، إذ لا تزال ثقافة الطعام في مدينة فن الطهي حيةً، من الماضي إلى الوقت الحاضر.
عنتاب المدينة المتعددة الثقافات، عكست هذا التنوع الغني في مطبخها وتمكنت من الحفاظ عليها لعدة قرون.
وقد اكتسب مطبخ غازي عنتاب مكانة مهمة في جميع أنحاء العالم مع مئات الأنواع من أواني الطبخ والكباب والبقلاوة وجميع النكهات التي تترك بصمة في الذكريات.
قلعة الروم (Rumkale)
تبعد 67 كم عن مركز المدينة، إذ تحتل موقعها فوق شبه جزيرة على تلٍ مغطى بالصخور عند تقاطع نهر الفرات مع سهل مرزيمين.
سميت قلعة الروم التاريخية بالعديد من الأسماء المختلفة منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا.
هضبة سوفداجي (Sofdağı Yaylası)
تقع هضبة سوفداجي على بعد 33 كم من مركز غازي عنتاب، وتجذب اهتماما كبيرا في عطلات نهاية الأسبوع نظرا لقربها من وسط المدينة.
مقهى التحميص (Tahmis Kahvesi)
يبعد 2 كم عن مركز المدينة، ويعود تاريخ المبنى التاريخي إلى عام 1635، وقد أنشئ لأول مرة لتأمين الدخل لتلبية احتياجات التكايا (زوايا الدروايش والأولياء).
سلسلة سوق بدستين (Zincirli Bedesten Çarşısı)
أنشأه حسين باشا عام 1718، وهو واحد من سوقين مغلقين في المدينة، وتواصل سلسلة السوق التي تتكون من 80 دكانا، تقديم خدماتها بفعالية حتى اليوم.