يجذب الفطور التركي بأصنافه المتعددة وأطباقه الكثيرة، السياح والمقيمين الأجانب في تركيا.
إذ أصبح واحدا من أهم العلامات السياحية التركية في السنوات الأخيرة على الرغم من كونه لا يشبه بشكل كبير الفطور العربي الذي اعتدنا عليه.
يتفاخر الأتراك بفطورهم التقليدي، ويتفننون في طرق تحضيره وتقديمه للضيوف والزبائن، فما هو تاريخ الفطور التركي وكيف تطور حتى يومنا هذا؟
تاريخ الفطور التركي
في ضوء المعلومات التاريخية، نجد أن ثقافة تناول وجبة الفطور لم تكن موجودة لدى الأتراك في القرنين العاشر والحادي عشر بمفهومه الحديث.
كان الأتراك في تلك الفترة الزمنية يهتمون بالزراعة وتربية الحيوانات، ويستيقظون لصلاة الفجر ويبدأون بالعمل حتى وقت الضحى.
ومن ثم يتناولون أولى وجباتهم اليومية، والتي تختلف بحسب الوضع الاقتصادي للعائلة مثل الشوربة والبسطرمة والأرز واللحم ومنتجات الألبان.
كيف كان الفطور التركي في العهد العثماني؟
استمرت نفس العادات في العهد العثماني، إلا أن تحسن الوضع الاقتصادي للمواطنين سمح بتنوع أصناف موائد الضحى، فظهرت الحلويات بجانب الوجبات الرئيسية المتنوعة مثل كرات اللحم، والدولمة، والمعجنات، والمربى.
مع التطور الثقافي والاقتصادي في عهد الدولة العثمانية ظهرت المقاهي المختصة باستقبال العاملين وقت الضحى وتقديم أصناف الإفطار المتنوعة لهم، ومن هنا بدأت ثقافة الإفطار خارج البيت لدى الشعب التركي.
كيف بدأت عملية تعريف الإفطار على أنها "وجبة" في ثقافة الطهي التركية؟
كان لربط ضرورة تناول بعض المقبلات الخفيفة قبل شرب القهوة الصباحية الأثر الكبير في التعريف عن وجبة الإفطار.
ولعل الانفتاح على الدول الأوروبية وتعدد الأطياف والثقافات في مدينة إسطنبول ساهم أيضا بتقبل الشعب التركي لهذه العادة أكثر.
في عام 1879 انتشر كتاب بعنوان "مسألة الشاي" للكاتب محمد عزت أفندي، تحدث فيه عن أهمية تناول وجبة من الطعام قبل شرب الشاي والقهوة الصباحية.
وكان للكتاب الذي لاقى رواجا كبيرا في المجتمع العثماني أثرا كبيرا في تعريف الناس على وجبة الإفطار.
ولعبت الظروف الاقتصادية والقوة الشرائية للأفراد والتطور التكنولوجي والثقافي، دورا مهما في إثراء عدد الأصناف على موائد الإفطار، إذ أدت إلى سهولة الوصول إلى الأطعمة الجاهزة للأكل.
أصناف متنوعة وغنية
تحتوي وجبة الإفطار في تركيا على ما يقارب 4 أو 5 أضعاف الأصناف الموجودة في وجبات الإفطار الأوروبية وغيرها.
ولعل عدم اهتمام الأتراك بوجبة الغداء بشكل كبير جعلهم يزيدون الخيارات في أصناف وجبة الإفطار.
ويعتمد الأتراك بشكل رئيسي على وجبات الإفطار المتأخرة بدلا من الإفطار المبكر الذي سيضطرهم لتناول وجبة أخرى في منتصف اليوم، لاسيما في عطلة نهاية الأسبوع.
ما هي ثقافات الإفطار في تركيا؟
تختلف مكونات وأصناف وجبة الفطور التركي من محافظة إلى أخرى باختلاف الثقافة والعادات المتبعة، فما هي هذه الثقافات؟
فطور مطبخ مدينة هاتاي
تتكون وجبة الإفطار التقليدية في مدينة هاتاي من الزيتون، زيت الزيتون، الجبنة القديمة، الزبادي المالح، سلطة الزيتون، الزعتر، المحمرة، المعجنات، الفلفل الحار، جبنة أنطاكيا.
في مدينة كهرمان مرعش القريبة من مدينة هاتاي يحتسي الأتراك شوربة رأس وأقدام الجدي في وجبة الإفطار.
فطور مطبخ مدينة فان
يعتبر فطور مدينة فان هو الأكثر شهرة في المدن التركية، إذ يحظى بإعجاب الأتراك والسياح والمقيمين الأجانب.
ويضم على مائدته الجبن العشبي "جبن خاص بمدينة فان"، معجنات فرن الطين، مورتوغا (الجبن مع البيض والدقيق والزبدة)، الحلاوة مع الطحينة، البيض مع النقائق، دبس، مربى الورد، العسل.
فطور مطبخ مدينة ريزا
تقع ريزا بالقرب من مدينة طرابزون على البحر الأسود، ويشتهر في تلك المنطقة طبق الكويماك كأحد الأطباق الرئيسة على وجبة الإفطار.
يجري تحضيره عن طريق خلط الدقيق والزبدة في إناء صغير، ومن ثم يوضع على النار ويحرك باستمرار حتى يصبح وردي اللون.
ثم يخلط جيدا إلى أن يكون ثقيلا مثل القشدة أو عجين الزلابية، ويوضع على النار الهادئة من جديد حتى يظهر السمن على السطح.
وتضم وجبة الإفطار في مدينة ريزا العديد من الأطباق الأخرى كالدبس، والبيض المقلي، والسجق، والسلطات، والزيتون، والعسل، والقشطة.
فطور مطبخ مدينة غازي عنتاب
يشتهر مطبخ غازي عنتاب بوجباته الفريدة، وأصبحت المدينة ضمن أكثر الوجهات التي يرتادها السياح بهدف الأكل وتجربة مذاق الطعام العنتابي الفريد.
وتتنوع وجبة الإفطار في مدينة غازي عنتاب، وتشتهر بـ"البيران" وهو حساء مصنوع من دهن الجدي المغطى بالأرز ولحم الجدي المبشور.
كما تعتبر حلوى الكاتمير ونوح دوروم (لفائف الحمص) أحد الأطباق المهمة على مائدة الفطور التركي في مدينة غازي عنتاب.
الحكومة التركية تقرر إلغاء الفطور التركي التقليدي في المطاعم
وبالرغم من تعدد وتنوع الأصناف، وشهرة الفطور التركي كعلامة سياحية بارزة، فلهذه القصة وجه آخر عنوانه "الإسراف" دفع لتدخل رسمي.
وتقدم المطاعم التركية وجبة "الإفطار الشامل" في الغالب وهي تحتوي على عدد كبير من الأطباق، ما جعل هذه الوجبة مميزة لدى الأتراك والسياح على حد سواء.
لكن، أصدرت جمعية المطاعم والسياحة التركية قرارا بمنع تقديم وجبات الإفطار الشاملة في المطاعم التركية بتاريخ 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، والاكتفاء بوجبات الفطور الاختياري بدلا عنه.
وأوضحت الجمعية أن السبب الرئيسي وراء القرار، هو أن قيمة الإسراف السنوي الناتجة عن وجبات الفطور في المطاعم تقدر بما يقارب الـ 100 مليار ليرة سنويا.