حرص العثمانيون على الاعتناء بالحيوانات واشتهروا باهتمامهم الملفت بالقطط والكلاب والطيور وغيرها، ولعل من أهم المعالم والهياكل الهندسية التي يتجسد فيها هذا الاهتمام هي "قصور الطيور".
إذ دأبوا على تصميمها وبنائها بأشكال وأحجام مُختلفة ضمن جدران القصور والبيوت والمساجد والمدارس، وهو ما حافظت عليه تركيا الحديثة حتى يومنا هذا.
ما قصة قصور الطيور في تركيا؟
تعرف قصور الطيور أيضا باسم المنازل الصغيرة للطيور وهي واحدة من أثمن سمات العمارة التركية.
ومن الممكن أن تصادف هذه الهياكل الجميلة في جميع أنحاء تركيا، وتكثر على وجه الخصوص في إسطنبول.
وهذه القصور بمثابة ملاجئ للطيور الصغيرة التي تحتاج إلى الحماية، مثل العصافير، طيور الحسون والسنونو وغيرها.
بنيت قصور الطيور في أماكن آمنة بارتفاع لا تستطيع الأيدي البشرية أو الحيوانات مثل القطط والكلاب الوصول إليه، على زوايا الجدران والمنازل الحجرية الأنيقة، وتبنى لتكون محمية من المطر والثلج والرياح القاسية.
علاقة الأتراك بالطيور
يفتتح المؤلف الإيطالي إدموندو دي أميسيس، في مذكراته عن السفر بعنوان "إسطنبول"، قسما منفصلا عن القيمة والتعاطف والحب التي منحها الشعب التركي للطيور.
فقال: "عدد لا حصر له من الطيور من جميع الأنواع يظهر لها الأتراك التعاطف والاحترام الحار. تسمع زقزقتها في المساجد والبساتين والأسوار القديمة والحدائق والقصور".
ويسرد الكاتب عن علاقة الأتراك بالطيور: "بالنسبة لهم، لكل من هذه الطيور أهمية مميزة ومعنى خير. الحمائم للعشاق، والسنونو يحمي أسطح أعشاشهم من النار، وطيور اللقلق تحج إلى مكة المكرمة كل عام، لهذا يحبها الناس بشغف كبير، ويحمونها ويطعمونها حبا لله".
أشهر الأماكن التي تضم قصور الطيور في اسطنبول
بُنيت بيوت الطيور على الجدران الخارجية للمباني والصروح العثمانية المهمة بما في ذلك المساجد والقصور والمدارس والمكتبات الكنائس، وكان الهدف منها حماية الحيوانات الضعيفة وتوفير مكان آمن للطيور.
من أقدم الأماكن المخصصة لهذه القصور هي بيوت الطيور في الأماكن التالية داخل إسطنبول:
- على أحد جدران مسجد بالي باش.
- قبر السلطان العثماني مصطفى الثالث.
- مسجد السليمانية.
- مسجد والدة سلطان.
- مسجد "أيازما".
- مدرسة سيد حسن باشا.
- مسجد أيوب سلطان.
جهود متواصلة لحماية الطيور في تركيا
قصور الطيور الصامدة حتى اليوم في تركيا يلتقي فيها الفن المعماري بالمشاعر التي تفيض رحمة وحبا، فضلا عن كونها من الرموز التاريخية التي تلفت انتباه الزوار والسياح.
وتواصل الحكومة التركية سعيها للاعتناء بالطيور وحمايتها وفقا للإمكانيات الحديثة والتطور السريع الذي نعيشه في هذا العصر.
وتتواصل الجهود لضمان أكبر قدر من الرعاية والحماية للطيور سيرا على نهج الأجداد العثمانيين.
ولم يعد يقتصر الاهتمام بالطيور والعناية بها وبناء بيوت لها على الأماكن المهمة مثل القصور والمساجد والكنائس، بل بات الاهتمام ينتشر بشكل أوسع ويغطي جميع الأماكن، بمشاركة جيل الشباب الواعي.