يُعرّف الاقتصاد التركي، على أنه اقتصاد ناشئ لا يزال تحت التطوير والتحسين، وهو معرض بطبيعة الأمر لمواجهة التحديات والأزمات التي تؤثر عليه بشكل سلبي إلى حد كبير ومن بينها التضخم في تركيا.
ونرى ذلك بوضوح مع معدل التضخم في تركيا الذي ارتفع 2.88% خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وبمعدل زيادة سنوية بلغت 84.39% مقارنة بالشهر نفسه من العام 2021، بحسب بيانات هيئة الاحصاءات التركية.
نستعرض لكم في هذا التقرير رسما بيانيا، يظهر ارتفاع معدل التضخم في تركيا للفترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى ذات الشهر من عام 2022.نلحظ من الرسم البياني الارتفاع الكبير لمعدل التضخم في تركيا، فما أسباب ذلك ونتائجه؟
أسباب التضخم في تركيا
- يرجع ارتفاع التضخم إلى السياسات غير التقليدية التي تنتهجها الإدارة الاقتصادية لتركيا والتي تتمثل في تخفيض معدلات الفائدة بالرغم من الاتجاه العالمي لتشديد السياسات النقدية وتحديدا من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
- التضخم المستورد بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية والطاقة عالميا نتيجة التوترات الجيوسياسية والحرب الروسية على أوكرانيا.
- المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التركي وتحديدا العجز المزمن في الميزان التجاري.
- التدهور المستمر لسعر صرف الليرة والتي فقدت جزءا كبيرا من قيمتها نتيجة السياسات المتبعة حاليا، وقد وصل سعر صرف الليرة التركية إلى ما يقارب الـ 18.5 مقابل الدولار الأمريكي في الربع الأخير من العام 2022.
- تأثر الوضع الداخلي بقرب الانتخابات العامة منتصف العام القادم، والذي يدفع الحكومة للاستمرار في السياسات التوسعية سواء نقديا أو ماليا أو اقتصاديا.
- تراجع تدفق رأس المال الأجنبي نتيجة اتجاهه إلى الاقتصاديات المتقدمة بسبب ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقي فيها.
- التوقعات باستمرار تخفيض معدلات الفائدة واستمرار تدهور سعر الصرف.
نتائج التضخم في تركيا
- يؤدي إلى استمرار تراجع القوة الشرائية للمواطنين وتدهور المستوى المعيشي.
- التأثير على الاستثمار والادخار، فنظرا لأن التضخم المرتفع يتسبب في انخفاض قيمة الليرة التركية، يفضل المستثمرون أدوات استثمار أكثر موثوقية بدلا من المخاطرة.
- التأثير على المناحي الاجتماعية، إذ يسبب انتشار السلوكيات غير الأخلاقية بين الأفراد كارتفاع حالات النصب والاحتيال في البلاد.
رؤية مستقبلية
من المتوقع أن يستمر معدل التضخم بالارتفاع خلال الفترة القادمة لا سيما في ظل استمرار السياسات النقدية والمالية والاقتصادية الحالية.
وفي هذا السياق قال الباحث في الشأن الاقتصادي محمد أبو عليان في وقت سابق لـ "أوراق": من المتوقع استمرار تخفيض أسعار الفائدة في تركيا إلى خانة واحدة (رقم فردي) أي أن تصل إلى ما دون الـ 10%.
وهو ما حدث مؤخرا عندما وصل سعر الفائدة إلى 9 ٪. ولجأت تركيا إلى التهدئة خلال آخر اجتماعات لجنة السياسات النقدية بالمصرف المركزي.
وثبتت اللجنة سعر الفائدة المصرفية عند 9% بعد التخفيض الكبير بنحو 150 نقطة أساس في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وثلاثة تخفيضات سابقة هبطت بسعر الفائدة من 14% إلى 9%.
وسينعكس هذا بطبيعة الأمر على دفع معدل التضخم للاستمرار في الارتفاع خلال الفترة القادمة، وفق تقديره.
وأضاف أبو عليان: "ارتفع مؤشر تكاليف الإنتاج إلى ما يقارب الـ 157%، وهو أعلى مستوى وصل إليه خلال آخر عقدين".
وسينعكس هذا الارتفاع على زيادة مؤشر أسعار المستهلك خلال الفترة المقبلة وبالتالي استمرار تراجع القوة الشرائية لليرة، كما قال.