تقع ولاية قارص في أقصى شرق تركيا على الحدود التركية الأرمينية، إذ تحدها من الشرق دولة أرمينيا وأرزروم من الغرب، ومن الشمال تحدها ولاية أرداهان ومن الجنوب أغري.
في قارص، يكون الشتاء قاسيا للغاية وتكاد الحياة تتوقف لشدة البرودة، كما تعتبر السياحة الشتوية أحد مصادر اقتصاد ودخل الولاية.
وتعتبر قارص جنة من وجهة نظر تاريخية، كما تجذب اليوم اهتماما كبيرا خاصة مع قطار "Doğu Ekspresi" الذي يقود إليها برحلة مبهرة، تبدأ من أنقرة مرورا بكيركالي ثم قيصري ثم سيفاس وأرزينجان وأرزروم حتى يصل إلى قارص.
بدأ تاريخ المدينة البالغ 5000 عام ، والممتد إلى يومنا هذا، عند إنشاء أول مستوطنة في الفترة الأورارتية في الموقع الجغرافي الحالي لقارص اليوم.
ثم أصبحت تحت سيطرة الفرس، لتدخل فيما بعد العصر الهلنستي مع سيطرة الإسكندر الأكبر عليها.
لاحقا استمر الصراع على السلطة في المنطقة بين القبائل الرومانية والفارسية والأمويين والعباسيين.
وقد شهدت المدينة عصرها الذهبي عندما وصل الأرمن إلى السلطة في القرن العاشر الميلادي.
وقد أصبحت قارص، أول مدينة تحصل على لقب "غازي"، بسبب تعرضها لهجمات كثيرة على إثر موقعها الجغرافي السياسي المهم.
ومن الممكن رؤية العمارة العثمانية والروسية والأرمينية في قارص، والتي احتفظت بشكلها وهندستها المعمارية الفريدة على الرغم من كل الهجمات والكوارث الطبيعية التي تعرضت لها.
من ناحية أخرى، لُقبت قارص بلقب "غرب الشرق" بسبب ثرائها الثقافي، إذ تعتبر مدينة ملهمة للأدب والسينما التركية.
وقد أثرت المدينة في الإرث الأدبي لكل من أورهان باموق ونامق كمال وجمال ثريا.
كما من الممكن رؤية تأثير المدينة في الأعمال السينمائية للمخرجين "Reha Erdem" و"Murat Saraçoğlu".
تبلغ مساحتها 9.785 كم، وتتكون من 7 مناطق مختلفة، وتبعد عن أنقرة مسافة 1076 كم وعن إسطنبول 1430 كم.
وفقا لآخر إحصائية صادرة عن دائرة السكان التركية "النفوس" لعام 2021، بلغ عدد سكانها 281 ألفا و77 نسمة، وتحتل المرتبة الـ63 من حيث عدد السكان في تركيا.
تعد جميع المباني في الولاية تقريبا آثارا تاريخية، وتتميز بكونها أعلى مدينة في تركيا.
وتضم قارص العديد من المنشآت التاريخية والسياحية التي تجذب السياح في فصل الشتاء، نذكر أبرزها:
قلعة قارص "Kars Kalesi"
يقع قبر جلال بابا الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر داخل القلعة، وتحتوي على ثلاث بوابات مهمة، هي بوابة المياه أو بوابة تشيريبشي وبوابة كاغيزمان وبوابة بهرام.
القلعة بنيت من قبل الوزير فيروز أكاي عام 1153 بأمر من السلطان ملك عز الدين.
أعيد بناء القلعة والجدران الخارجية عام 1579 من قبل مصطفى باشا، الذي جاء إلى الولاية بمرسوم من السلطان العثماني مراد الثالث، وقد تعرضت القلعة للتدمير خلال الحرب الروسية العثمانية عام 1877-1878.
العمارة البلطيقية في قارص "Kars Baltık Mimarisi"
يكشف مبنى العمارة البلطيقية أو مكتب الإيرادات في قارص كما يسمى، عن هندسته المعمارية البلطيقية وجماله البصري.
وعادة، لا يتخطاها الزائرون دون التقاط صورة تذكارية أمامها.
تعتبر زخارف الخرطوشة الموجودة على السطح الخارجي للمبنى المكون من ثلاثة طوابق ذات أهمية خاصة وتجذب الانتباه من اللحظة التي يرى فيها المبنى، والذي بدأ العمل بها كمبنى لبيع الكتب بعد ترميمها عام 1980.
أطلال أو آثار مدينة العاني القديمة "Ani Harabeleri"
من أول الأماكن التاريخية التي تتبادر إلى الذهن في قارص، وتقع على بعد 55 كم شرق المدينة، على الحدود مع أرمينيا، ويعتبرها الأرمن مكانا مقدسا.
يعود تاريخها إلى القرن العاشر، وكانت في موقع مهم للغاية على طريق الحرير حتى القرن الـ16 الميلادي.
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقدت المدينة أهميتها السابقة وتركت لمصيرها، مع تحول الروس إلى وسط المدينة.
اتخاذ المدينة عاصمة من قبل الأرمن في القرن العاشر هو أحد الأسباب التي تجعلها من الأماكن المهمة بالنسبة لهم.
كانت المدينة محاطة بأسوار واسعة ولديها 7 مداخل في المجموع.
أدرجت في القائمة المؤقتة للتراث العالمي لليونسكو عام 2012 ثم أضيفت إلى القائمة الدائمة عام 2016.
مبنى سيركا "Serka Binası"
يعد هذا المبنى الرائع من بين المعالم التاريخية المهمة في المدينة،
ويعود تاريخه إلى القرن الـ19، وقد بني على طراز العمارة البلطيقية.
بني المبنى على شكل مخطط من طابقين، وتظهر الحدود والأعمدة الزائفة على الجدران الشمالية والغربية، المبنى بشكل مثير للإعجاب.
بعد استخدامه كمنزل للجيش حتى عام 1990 خلال فترة الجمهورية، نُقل المبنى إلى وزارة التعليم التركية.
بحيرة تشيلدير " Çıldır Gölü"
تقع بحيرة تشيلدير على حدود ولايتي قارص وأرداهان، وتخلق مشهدا رائعا أمام الزوار، خاصة عندما تتجمد في فصل الشتاء، وهي من الأماكن المفضلة لالتقاط الصور على امتداد الأراضي التركية.
تتميز بكونها ثاني أكبر بحيرة في منطقة شرق الأناضول وهي من بين موارد المياه العذبة المهمة في تركيا.
تبلغ مساحتها 123 كيلو مترا مربعا، وتقع بحيرة تشيلدير على ارتفاع 1959 مترا من البحر.
مركز ساريكاميش للتزلج "Sarıkamış Kayak Merkezi"
يقع جنوب شرق الولاية على جبل تشامورلو "Çamurlu".
يقع مركز التزلج بين أشجار الصنوبر على ارتفاع 2500م، بإجمالي 12 كيلو مترا من ممرات التزحلق ذات الخمس مراحل، ويتميز بطبيعته الطبيعية الرائعة.
وقد تحول مركز التزلج، إلى مكان جذاب لعشاق التزلج، لا سيما أنه يحتوي على ميزة الثلج الكريستالي التي لا توجد إلا في جبال الألب، والتي تتميز بجودة وسُمك الثلج.
مواضيع ذات صلة: