فرضت السلطات التركية حالة الطوارئ بعد زلزال كهرمان مرعش في فبراير/شباط 2023، وقبل ذلك بسنوات طبقت ذات الخطوة في سياق مواجهة الانقلاب الذي باء بالفشل سنة 2016 فما المقصود بها ومتى يتم فرضها وما التفاصيل المرتبطة بها؟
تتضمن حالة الطوارئ حزمة إجراءات وتدابير في أحوال معينة وقد خول الدستور التركي السلطات بإمكانية فرضها في حالات عديدة مثل الحرب وأعمال العنف والتدمير والأوبئة والكساد الاقتصادي الشديد والكوارث الطبيعية.
وكانت السلطات التركية قد فرضت حالة الطوارئ بعد زلزال جنوبي تركيا استناداً للمادة 119 من الدستور التركي بهدف تسهيل إغاثة المنكوبين واحتواء الدمار الذي أحدثه ومكافحة المنتفعين من الكارثة.
ونظراً لتواجد العديد من العرب والسوريين في تركيا وبعضهم من حملة الجنسية التركية فإنه من المهم معرفة كل ما يتعلق بحالة الطوارئ في الدستور التركي والالتزام بالقوانين والبنود الواردة فيها.
متى تعلن حالة الطوارئ في تركيا وما الغرض منها؟
تؤكد المادة 119 من الدستور التركي أن إعلان حالة الطوارئ يكون عند وقوع اضطراب خطير في النظام العام أو وقوع حالات عنف واضطرابات وحدوث كارثة طبيعية أو عند التعرض لأزمة اقتصادية قوية.
والغرض الرئيسي من إعلان حالة الطوارئ:
- الحفاظ على النظام العام
- ضبط الأمن وبسط سيادة القانون
- تسهيل القضاء على التهديدات الموجهة ضد حرية وحقوق المواطنين
بحسب ما ترجمه موقع أوراق تركيا عن صحيفة حريات تمنح حالة الطوارئ عموماً سلطات واسعة للسلطات وبإمكانها على سبيل المثال:
- فض تجمعات وإغلاق مرافق عمومية
- وضع أشخاص رهن الإقامة الجبرية إذا تبين تهديدهم للأمن العام
- مداهمة منازل يشتبه في وجود خطر ما فيها
فرض الطوارئ في حالات العنف في تركيا
ينص القانون رقم 6175 المتعلق بحالة الطوارئ عن إجراءات يمكن اتخاذها في حال التحركات العنيفة ومنها:
- حظر التجول بشكل كلي أو جزئي
- حظر تجول الأشخاص أو تجمعهم
- حظر حركة السيارات في أماكن أو أوقات معينة
- تفتيش الأشخاص وعرباتهم وأشيائهم
- مصادرة ما يمكن أن يحمل صفة الدليل
- حظر حمل ونقل السلاح والذخيرة حتى لو كانت مرخصة
- منع صنع أو تحضير أو حيازة كافة أنواع الذخائر والقنابل
- منع المواد ذات القدرة التخريبية
- طلب تسليم الأشياء والأدوات أو العربات التي يمكن استخدامها في صنع تلك المواد
- إلزام المواطنين المقيمين في المنطقة التي أعلنت فيها حالة الطوارئ والقادمين لها من المناطق الأخرى بحمل ما يثبت هويتهم
وبعد تحول تركيا نحو النظام الرئاسي بات بإمكان رئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ لمدة لا تتجاوز 6 أشهر، في منطقة أو أكثر من تركيا أو في كامل أنحائها.
وقبل ذلك كان مجلس الوزراء هو من يقوم باستشارة مجلس الأمن القومي لإعلان حالة الطوارئ وفق المادة 120 من الدستور.
وفي ذلك الوقت، حال إصدار قرار بإعلان حالة الطوارئ ينشر ضمن الجريدة الرسمية، ومن ثم يعرض على البرلمان للموافقة عليه، وفي حال كان البرلمان في إجازة، تتم دعوته للانعقاد فوراً.
مواد دستورية حول حالة الطوارئ في تركيا
وتحمل المادة 15 من الدستور التركي عنوان "تعطيل الحقوق والحريات الأساسية" وتنص على أنه يمكن في حالات الطوارئ، التعبئة أو الأحكام العرفية أو الحرب تعطيل الحريات والحقوق الأساسية، بشكل كلي أو جزئي، بالدرجة التي يقتضيها الوضع.
لكن إعلان حالة الطوارئ يجب أن يجري بشكل لا يخالف ما يلي:
- أن لا ينتهك التزامات القانون الدولي.
- أن لا يمس بحق الحياة (تستثنى الوفيات الناجمة عن الأفعال التي لا تتعارض مع قانون الحرب).
- لا يمكن المساس بسلامة الممتلكات المادية والمعنوية للأفراد.
- لا يمكن إجبار أي شخص على إعلان معتقداته الدينية أو أفكاره.
- لا يمكن توجيه الاتهام لأي شخص بناء على تلك المعتقدات والأفكار.
- ولا يمكن اعتبار أي شخص مذنبا، إلى أن يثبت ذلك بقرار من المحكمة.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجب الخلط بين حالة الطوارئ وإعلان الأحكام العرفية إذ أن الصلاحيات في الأولى تكون في يد السلطات المدنية فيما تمنح في حالة الأحكام العرفية إلى العسكر.
حقوق غير قابلة للانتقاص حال إعلان الطوارئ في تركيا
يجب أن لا تتعارض الصلاحيات التي يمنحها أي دستور حول العالم مع القانون الدولي.
وهناك عدد من الحقوق "غير قابلة للانتقاص" ولا يجوز تعليقها حتى في أوقات الطوارئ.
ينص القانون الدولي على حقوق غير قابلة للانتقاص في حال إعلان حالة الطوارئ.
وحددت مواد القانون تلك الحقوق التي لا يمكن الانتقاص منها وهي:
- الحق في الحياة
- حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
- حظر الرق والتجارة بالرقيق
- حظر الحبس على أساس عدم القدرة على دفع التزام تعاقدي
- حرية الفكر والوجدان والدين
هناك أيضاً بعض الحقوق الأخرى تعتبر غير قابلة للانتقاص بموجب القانون الدولي العام رغم عدم النص عليها صراحة وتشمل:
- الحق في محاكمة عادلة وعدم التمييز.
- في سياق مكافحة المتورطين بقضايا أمنية يعامل جميع المحرومون من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة للإنسان.
- يحظر أخذ الرهائن والاختطاف والاحتجاز غير المعترف به ويتم إجراء جميع المتطلبات للمحاكمة العادلة.
وخلال مرحلة إعلان حالة الطوارئ تجري مراقبة عدم حدوث أي انتقاص لتلك الحقوق أو إساءة استخدام السلطة عبر الهيئات الحكومية والخارجية.
والحقوق غير القابلة للانتقاص لا ترتبط فقط بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولكن أيضًا بموجب القانون الدولي العرفي الذي يلزم جميع الدول بما في ذلك الدول غير الأطراف في العهد.