رغم الاهتمام الكبير بانتخابات الرئاسة في تركيا 2023 كونها تحدد هوية الرئيس الجديد إلا أن الانتخابات البرلمانية التركية لا تقل أهمية عنها.
فأي رئيس منتخب سيجد صعوبة في ممارسة السلطة إن لم تدعمه غالبية البرلمان التركي لتمرير القوانين والتشريعات وسيكون في صراع مع السلطة التشريعية.
ولهذا فإن البرلمان يحظى بأهمية كبيرة حتى وإن كانت الدولة التركية ذات نظام رئاسي.
ويطلق على البرلمان التركي اسم السلطة التشريعية أو مجلس الأمة الكبير وهي تسميته منذ بداية تأسيسه عام 1920 وقد شهد تغييرات عديدة على مدار 102 عاماً.
واحتفلت تركيا في 23 نيسان/أبريل 2023 بذكرى تأسيس البرلمان في مقره الأول ضمن منطقة أولوس في العاصمة التركية الحالية أنقرة وشارك في الاحتفال مسؤولون بارزون مثل وزير الدفاع ونائب الرئيس التركي فضلاً عن رئيس البرلمان.
وجرى استخدام مبنى البرلمان التركي الأول كمقر للهيئة التشريعية في البلاد منذ تأسيسه عام 1920 وحتى 1924 وتحول لاحقاً إلى متحف "حرب الاستقلال"، ويقع مبنى البرلمان الحالي في منطقة جانكايا أو تشانكايا في أنقرة التي تضم العديد من السفارات الأجنبية.
تاريخ تأسيس البرلمان التركي
تأسست الهيئة التشريعية في العاصمة التركية الحالية "أنقرة" سنة 1920 في عهد الدولة العثمانية وأثناء حروبها مع دول الحلفاء (قوات بريطانية وفرنسية ونيوزلندية وأسترالية) وكانت تسمى بالجمعية الوطنية أو مجلس الأمة التركي الكبير.
تشكلت تلك الهيئة وفقاً لمبدأ السيادة والسلطة من إرادة الأمة التركية ومنذ ذلك اليوم وحتى اليوم تحتفظ بصفتها المؤسسة التشريعية للدولة.
مجلس الأمة الكبير منذ تشكيله كان ولا يزال السلطة الصانعة للقوانين التي تستمد شرعيتها من الدستور فضلاً عن قدرتها على تعديله ضمن معايير وآليات قانونية محددة وكانت انتخاباته في السابق تجري تحت إشراف الإدارة العامة والهيئات القضائية.
مهام وصلاحيات نواب البرلمان التركي
والنواب الذين فازوا بعضوية البرلمان التركي ويمتلكون حصانة قانونية يقسمون على الشرف والنزاهة أمام المجلس وعلى الالتزام بالقوانين وبما نص عليه الدستور والعمل وفق روح مجلس الأمة (السيادة للأمة بلا قيد ولا شرط).
وينقسم البرلمان إلى المجلس الوطني والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ولا بد من الشخص الذي يود الترشح للانتخابات التشريعية أن يكون تركياً بالولادة، وأن يكون عمره 25 عاماً على الأقل.
انتقلت تركيا نحو النظام الرئاسي بتصويت جرى أواسط عام 2017 وبعد أعوام يدور التساؤل عن دور البرلمان وتأثيره وفعاليته بعد الانتخابات التركية 2023.
ونذكر لكم هنا أبرز صلاحيات ومهام نواب البرلمان في تركيا بعد انتقالها للنظام الرئاسي:
- المشاركة في سن القوانين إلى جانب رئيس البلاد
- إصدار التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان وواجباته
- في حال إصدار مرسومين مختلفين حول نفس القضية من الرئيس والبرلمان يعتمد مرسوم البرلمان
- يمكن للبرلمان منع الرئيس من استخدام سلطة إصدار حالة الطوارئ
- بإمكان أغلبية البرلمان التركي تعديل دستور البلاد شرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عدده 600 من أعضائه
- الطعن في المراسيم التي يصدرها الرئيس أمام المحكمة الدستورية
- الدعوة إلى انتخابات مبكرة بموافقة 360 صوتاً
- إنشاء لجان تحقيق وتدقيق دون إمكانية استجواب الوزراء
- يحق للبرلمان توجيه تساؤلات للوزراء ونواب الرئيس على أن يتم الرد عليها خلال 15 يوماً
ويحظر على أعضاء البرلمان التركي تولي مناصب وزارية أو عضوية مجلس الوزراء.
ويقوم رئيس الجمهورية بإعداد موازنة الدولة وتعرض على البرلمان لاعتمادها لكن إذا رفض البرلمان اعتماد الموازنة تبقى موازنة العام السابق معتمدة وسارية المفعول.
وبإمكان البرلمان أيضاً تقديم مشروع لفتح تحقيق بحق رئيس الجمهورية بدعوى ارتكابه مخالفة أو جريمة وفق ما نقله haberturk وترجمه موقع أوراق تركيا.
الانتخابات التشريعية التركية 2023
خلال الفترة الماضية أجريت تعديلات على انتخابات البرلمان التركي خفضت نسبة العتبة التي تحتاجها الأحزاب لتصبح مؤهلة ليكون لديها مرشحين في البرلمان من 10 % إلى 7 ٪ في خطوة تساعد الأحزاب الصغيرة على دخول البرلمان دون الحاجة للتحالف.
وكان القانون التركي يمنع الأحزاب السياسية من تشكيل تحالفات انتخابية لدعم مرشحيها المتنافسين على 600 مقعد في البرلمان التركي سنة 2021 حيث جرى تمرير تعديل دستوري معروف باسم 7393 لتعديل قانون انتخاب النواب وبعض القوانين الأخرى.
وبموجب التعديل أصبح بإمكان الأحزاب السياسية خوض غمار السباقات الانتخابية على شكل تحالف.
وفي الانتخابات البرلمانية التركية الحالية 2023 يدور التنافس بين 24 حزباً و151 مرشحاً مستقلاً فيما شهدت الانتخابات هذا العام 5 تحالفات رئيسية هي:
التحالفات الانتخابية في تركيا 2023
- تحالف "الشعب" ويتكون من: حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية والوحدة الكبرى وحزب الرفاه من جديد.
- تحالف "الأمة" المعارض بمشاركة حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد والسعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم والحزب الديمقراطي.
- تحالف "الأجداد"
- تحالف "العمل والحرية"
- تحالف "اتحاد القوى الاشتراكية"
ويختار الناخبون في 14 أيار/مايو 2023 إلى جانب الرئيس الجديد 600 عضو في مجلس الأمة الكبير لمدة خمس سنوات علماً أن الانتخابات خارج تركيا انطلقت منذ 27 نيسان/أبريل الماضي ومن المقرر أن تنتهي في 9 أيار/مايو وعند بوابات الجمارك في 14 من الشهر ذاته.
وانضم العديد من الوزراء والمسؤولين البارزين إلى سباق الانتخابات البرلمانية القادمة ضمن أحزاب متعددة ما يجعل الاستحقاق مهما وإن كان التركيز بالدرجة الأولى على هوية الرئيس القادم للبلاد خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفيما يتعلق بحل البرلمان التركي، ينص الدستور الحالي على أنه يمكن حل البرلمان عن طريق رئيس الجمهورية بالدعوة إلى انتخابات جديدة، لكن في المقابل سيخسر الرئيس حقه في الترشح لولاية رئاسية جديدة.