تعد صناعة السيارات التركية قطاعًا مهمًا في اقتصاد البلاد، حيث تساهم بنحو 4٪ في الناتج المحلي الإجمالي. رغم ذلك، سببت زيادة أسعار السيارات في تركيا خلال السنين الماضية قلقا كبيرا للمستهلكين.
ونهدف في هذا التقرير إلى استكشاف وتوضيح الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار السيارات في تركيا خلال الأعوام الأخيرة، والتي ترجع بشكل أساسي إلى عدة عوامل.
أسباب غلاء السيارات في تركيا
ارتفاع ضرائب استيراد السيارات إلى تركيا
تعد تركيا أحد أعلى الدول في فرض ضرائب الاستيراد في العالم، حيث تصل الضرائب على السيارات القادمة من الخارج إلى 80٪ من قيمة السيارة.
تهدف هذه السياسة إلى تعزيز الإنتاج الوطني وحماية السوق المحلي. لكن في المقابل، تصبح السيارات المستوردة أكثر تكلفة بشكل ملحوظ.
فوفقًا لجمعية موزعي السيارات التركية OSD، في عام 2020، كان متوسط معدل الضريبة على السيارات المباعة في تركيا 54٪.
الضرائب المفروضة على مالكي السيارات في تركيا
تفرض الحكومة التركية ضرائب مختلفة على السيارات التي يتم شراؤها داخل البلاد.
تشمل الضرائب ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك الخاصة وضريبة السيارات السنوية.
وهو ما يجعل تكلفة امتلاك سيارة في تركيا أمر باهظ الثمن نسبيًا.
رغم ذلك، تقدم الحكومة بعض الحوافز، مثل الإعفاءات والتخفيضات الضريبية للسيارات الصديقة للبيئة.
ويمكن تصنيف أنواع الضرائب على السيارات في تركيا كالتالي:
- ضريبة القيمة المضافة على السيارات، وهي الضريبة العامة في تركيا المطبقة على جميع المنتجات والخدمات.
- ضريبة الاستهلاك الخاص لمرة واحدة على السيارات، ويتم تحديدها بناءً على حجم محرك السيارة وسعرها قبل الضريبة، هذه الضريبة دائماً ما تحمل أخبار سيئة لمحبي السيارات ذات المحركات الكبيرة.
إذ تصبح أكثر تكلفة ومن الممكن أن تصل ضريبتها إلى 160٪، مما يعني أن سعر السيارة سيتضاعف.
بينما يتم فرض ضرائب على السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية بمعدل أقل بكثير ويمكن أن يكون لها ضريبة استهلاك منخفضة تصل إلى 20٪
- الضريبة السنوية على السيارة، ويتم وضع هذه الضريبة بناءً على أشياء مثل عمر السيارة وانبعاثاتها.
انخفاض الليرة التركية
بجانب الضرائب أدى انخفاض قيمة الليرة التركية في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع أسعار جميع السلع المستوردة بشكل كبير.
ونظرًا لأن معظم السيارات المباعة في تركيا مستوردة، فقد أدى هذا بشكل مباشر إلى ارتفاع أسعار السيارات على المستهلكين.
ولم تسلم أيضاً السيارات تركية الصنع من ارتفاع الأسعار، إذ تعتمد صناعة السيارات في تركيا على المكونات المستوردة أيضاَ.
فخلال عام 2022، ارتفع سعر الصرف بين الليرة التركية والدولار الأمريكي بنسبة 34.7٪، مما جعل السيارات المستوردة أغلى بكثير بالنسبة للمستهلكين داخل تركيا.
فوفقاً لمعهد الإحصاء التركي Turk Stat، ارتفع متوسط سعر السيارات الجديدة في تركيا بنسبة 64.8٪ بين كانون الثاني/يناير 2021 وحتى ذات الشهر من عام 2022.
وقد كان لهذا تأثير كبير على القدرة على شراء السيارات المستوردة. بينما كان على مصنعي السيارات التركية زيادة أسعار منتجاتهم للتعويض عن ارتفاع تكلفة استيراد المكونات.
الفائدة المرتفعة
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر أسعار الفائدة المرتفعة في تركيا والتي تعمل الحكومة مؤخراً على خفضها عاملاً هامًا آخر يساهم في ارتفاع أسعار السيارات.
إذ تفرض البنوك التركية أحد أعلى معدلات الفائدة على مستوى العالم، مما يجعل اقتراض الأموال لشراء سيارة أكثر تكلفة على المستهلكين.
فوفقًا للبنك المركزي التركي، اعتبارًا من أبريل 2023، بلغ متوسط سعر الفائدة على قروض السيارات 23.54٪.
ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي
وبينما تهدف سياسة الضرائب المرتفعة على الاستيراد لدعم الإنتاج المحلي، أدى ارتفاع تكاليف الإنتاج في تركيا إلى ارتفاع أسعار السيارات.
فتكلفة العمالة والمواد الخام والطاقة في تركيا مرتفعة نسبيًا مقارنة بالدول الأخرى.
ووفقًا لجمعية موزعي السيارات التركية OSD، زادت تكلفة الإنتاج لمصنعي السيارات الأتراك بنسبة 47.6٪ بين عامي 2010 و2020، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات.
أزمة سلاسل التوريد العالمية
وبعيداً عن العوامل الداخلية، تسببت جائحة COVID-19 في حدوث اضطرابات في سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم، وبالطبع صناعة السيارات ليست استثناء.
إذ أدى الوباء إلى نقص عام في المواد الخام، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المكونات المختلفة المستخدمة في إنتاج السيارات.
على سبيل المثال، ارتفع سعر الفولاذ، الذي يعتبر مادة أساسية في صناعة السيارات، بنسبة 59٪ بين ديسمبر/كانون الأول 2020 ومارس/آذار 2021، مما انعكس على سعر السيارات النهائي بسب زيادة التكلفة الإجمالية للإنتاج.
إنتاج السيارات المحلية التركية.. هل يساهم بخفض الأسعار؟
حالياَ تعمل الحكومة التركية على حل هذه المشكلة بدعم الإنتاج المحلي.
وقد نجحت بإنتاج أول سيارة تركية محلية كهربائية تحت اسم “توغ" TOGG.
ولكن رغم ذلك ما زالت تكاليف الإنتاج في تركيا تؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات.
أيضاً تعتبر معالجة هذه المشكلة أمرًا بالغ الأهمية، لجعل السيارات ميسورة التكلفة للمستهلكين في تركيا.
لذلك في المستقبل قد نشهد خططا حكومية لخفض الضرائب على السيارات، ودعما في الاستثمار المحلي لزيادة الإنتاج وخفض تكاليفه.