يعد بناء الأسرة أحد أكبر مسؤوليات الحياة الزوجية، ولهذا وجب على طرفي العلاقة فهم حقوقه وواجباته سواء عند الارتباط أو بعد الانفصال إن حصل، وفي هذا الإطار ينبغي معرفة الأحكام القانونية سواء بعد الزواج أو الطلاق بما فيها نفقة الطفل في تركيا.
وإنجاب الأطفال هو أحد أروع ثمرات الزواج لكن ذلك مسؤولية كبيرة في الوقت ذاته ويستوجب النفقة سواء خلال فترة الارتباط أو بعد الطلاق حيث ينشأ قانوناً حق النفقة أو ما يعرف باللغة التركية İştirak Nafakası.
لكن هل يقتصر حق نفقة الطفل في تركيا بعد الطلاق فقط؟ وهل تقصير الأب أو الأم في النفقة خلال فترة الارتباط يستوجب مسؤولية قانونية؟ كل ذلك نناقشه ضمن تقرير موقع أوراق تركيا.
نفقة الطفل في تركيا
من الأمور البديهية أن ينفق الوالدان على طفليهما خلال فترة الارتباط وأن لا يقصروا في ذلك، وفي حال لوحظ هذا التقصير من قبل الدولة، يعد الإهمال سبباً كافياً لسحب حق الحضانة من أحد الوالدين أو من كليهما.
ويرتبط هذا الحق بالأطفال الذين هم تحت سن البلوغ، أي تحت عمر الـ 18 عاماً، ويصبح الأطفال تحت حضانة مؤسسات رسمية تابعة للدولة.
لكن ذلك لا يعفي الأب أو الأم من ضرورة النفقة على طفليهما ويقرر القاضي ما يلزم أخذه من الأبوين وفقاً لظروفهما ووضعهما الاقتصادي ودخلهما المعيشي.
نفقة الطفل في تركيا خلال الزواج
وفي حال كان التقصير من أحد الوالدين تصبح الحضانة للطرف الآخر في حال موافقته، لكن تحت مراقبة المؤسسات الرسمية المختصة، ولا يعفى الطرف المقابل من النفقة.
وإذا لم يوافق أحد الأبوين على حضانة الطفل وكان كلاهما غير قادراً على حماية الطفل ورعايته وتأمين أساسيات الحياة له، تذهب الحضانة لمؤسسات رسمية خاصة تابعة للدولة تهتم برعاية الطفل حتى سن البلوغ.
لكن ذلك لا يعفي الأبوين من ضرورة النفقة على الطفل بمقدار ما يؤمن له حياة كريمة ويحقق رفاهيته وينعكس إيجاباً على حالته النفسية ووضعه الصحي في حال تبين للقاضي وجود دخل أو ممتلكات لهما وغالباً ما يتم التركيز على الأب بهدف حماية المرأة من الضغوطات المجتمعية المختلفة.
بحسب المادة 175 من القانون المدني التركي تجب النفقة من الزوج على الزوجة والأولاد وتكون أحياناً على الزوجة.
ففي حال كان الطرف المقابل لا يملك دخلاً مادياً كافياً أو يحتاج دعماً مادياً فله الحق في إنفاق الطرف الآخر عليه.
كما لا تؤثر ديانة الأم أو جنسيتها على قرار المحكمة بشأن نفقة الطفل في تركيا أو الحضانة سواء خلال الزواج أو بعد الانفصال وفق ما نقلته جريدة ملييت عن المحامي يشار أوكسوز.
نفقة الطفل في تركيا بعد الطلاق
بعد طلاق الزوجين في تركيا عادة ما تكون الحضانة لوالدة الطفل ولكن يمكنها منح هذا الحق لوالده طواعيةً، وفي تلك الحالة لن يكون بمقدورها استرداد الحضانة ثانيةً.
مقدار نفقة الطفل بعد طلاق والديه في تركيا يكون بما يؤمن له حياة كريمة ويلزم لرعايته وإكمال تعليمه، ويجب على الطرف الذي يملك دخلاً مادياً كافياً وإلا يتم حجز جزء من ممتلكاته بما يلزم للإنفاق على الطفل ويحفظ له حقوقه.
وتحدد المحاكم التركية مدى قدرة كل طرف من الأب أو الأم على تأمين الحياة الكريمة لأطفالهما عن طريق "خبير" تعينه المحكمة للبت في مقدار نفقة الطفل في تركيا الواجب أخذها من أحد الأبوين أو كلاهما.
كل ذلك يخضع لجلسات محاكمة وفيها يقرر قاضي الأسرة الأنسب لمصلحة الطفل، إذ أن كل حالة قد تختلف عن الأخرى، وقد تسحب الحضانة من الطرفين في حال كانت البيئة غير مناسبة لرعاية طفلهما وتؤثر على الوضع الصحي أو النفسي للابن.
وخلال الجلسات القضائية يجري تحديد الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأبوين وإجراء الاستفسارات اللازمة بشأن ملكياتهما بهدف اقتطاع ما يلزم لنفقة الطفل حتى بلوغه.
يستطيع القاضي في هذا الإطار الحصول على البيانات المصرفية وكل ما يلزم من ثبوتيات للكشف عن ممتلكات الطرفين وراتب الطرف الآخر والأجور والمستحقات المختلفة من مكان العمل.
مقدار نفقة الطفل في تركيا 2023
لا يمكن الحديث عن مبلغ ثابت من نفقة الطفل في تركيا خلال الزواج أو الطلاق، إذ يراعى في هذا الشأن الدخل والحالة المعيشية للأبوين.
فمثلاً ببعض الحالات يكون المبلغ الواجب إنفاقه من 200 إلى 300 ليرة تركية وفي حالات أخرى يتراوح بين 3000 و5000 ليرة تركية حسب المحامي علي دنيز.
كما تختلف الاحتياجات ومبلغ النفقة من وقت لآخر حسب متطلبات المعيشة والوضع الاقتصادي العام في البلاد.
وتختلف نفقات الطفل الذي لم يبلغ سن المدرسة عن الذي يدرس في المرحلة الثانوية ويتطلب إكمال تعليمه نفقات الفصل وخدمة الطلاب والقرطاسية وما إلى ذلك.
ويدرس القاضي كل حالة على حدة ويحدد مبلغ شهري بما يحفظ حياة كريمة ورعاية سليمة للطفل، ويحدد جلسة جديدة لإعادة دراسات احتياجات الطفل ودخل الأبوين أو الطرف الذي حكم عليه بالنفقة.
تفقد الأم أو الطرف الآخر حق النفقة دون الطفل، في حال تم اكتشاف أن الطلاق بني على خيانة زوجية أو في حال زواج الأم وبالتالي يعود القاضي لدراسة حالة الطفل ومكان حضانته ومقدار النفقة الواجبة والأطراف التي عليها الإنفاق.
ويطبق القانون المدني التركي بما يشمل أحكام الطلاق ونفقة الطفل على جميع المقيمين على الأراضي التركية، ولا وجود لقانون خاص بالأجانب من العرب أو السوريين.
وتجدر الإشارة إلى أن الطلاق قد يلحق أضراراً معنوية أو مادية بأحد الطرفين دون الآخر، وفي تلك الحالة يحق للطرف المتأثر الحصول على تعويضات إذا ما أثبت ذلك.