داخل قصر جانكايا في العاصمة التركية أنقرة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تعيين محمد شيمشك Mehmet Şimşek وزيرا للخزانة والمالية في الحكومة التركية الجديدة، فمن هو هذا الشخص؟
وتظهر قضية الاقتصاد كأولوية لدى الحكومة التركية الجديدة ووزير اقتصادها الذي أكد أن خفض التضخم إلى خانة الآحاد سيكون ضمن أولوياته.
وشدد محمد شيمشك على أن الاقتصاد التركي القائم على القواعد سيكون مفتاح الوصول إلى الرفاهية المنشودة عبر الالتزام بالشفافية والاتساق والامتثال للمعايير الدولية كمبادئ أساسية في المنصب الجديد.
ويتجلى الاهتمام في الشؤون المالية والاقتصادية من تصريحات أردوغان في خطاب الفوز والتي أكد فيها أن تركيا تسعى لامتلاك اقتصاد إنتاجي يبتعد عن طلب القروض من صندوق النقد الدولي، خاصة وأن البلاد سددت آخر ديونها للصندوق في 2013.
وتحدث الوزير الجديد عن أولويات الحكومة في تحقيق الاستقرار المالي الكلي وتعزيز الجودة والقدرات المؤسسية في ظل تحديات عالمية متزايدة.
من هو وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك؟
ولد محمد شيمشك Mehmet Şimşek في قرية أرجا ضمن منطقة غيرجوش التابعة لولاية باطمان جنوب شرقي تركيا سنة 1967، والده حسن ووالدته مهدية وهو من أصول كردية.
ويؤكد الوزير الجديد في لقاءات صحفية له أنه قادم من عائلة فقيرة ولم يكن يعرف عن العالم سوى شوارع قريته التي فقد فيها والدته وهو في عمر 5 أعوام.
ويضيف شيمشك أنه عاش صدمة ثقافية عن فوارق الحياة بين قريته والعاصمة بعد انتقاله إلى أنقرة، حسب milliyet.
والوزير الحالي متزوج ولديه طفلتين توأم، وحاصل على الجنسية البريطانية، وإلى جانب لغته الأم التركية يتقن الإنكليزية.
درس شيمشك الاقتصاد ضمن جامعة أنقرة وفيها أتم البكالوريوس سنة 1988 وحصل على درجة الماجستير من جامعة Exeter البريطانية سنة 1993.
وعن دراسته يذكر أنه لا ينسى كل من اصطف بجانبه على دور الطعام لطلاب الجامعة فهو يذكر غالبية أولئك الأصدقاء حتى اليوم.
التجارب العملية للوزير محمد شيمشك
وعلى صعيد الحياة العملية، عمل شيمشك كباحث وخبير اقتصادي واستراتيجي في منظمات دولية عدة منها:
- خبير وباحث في شركة ميريل لينش في لندن
- كبير الاقتصاديين ومحلل بنك دويتشه
- عمل مع "يو بي إس" (UBS) للأوراق المالية في نيويورك
- خبير اقتصادي في السفارة الأمريكية ضمن العاصمة أنقرة
حصل محمد شيمشك على لقب وزير المالية في أوروبا الناشئة سنة 2013 حسب مجلة Emerging Markets وهي المجلة العالمية لاقتصاديات الأسواق الناشئة.
واختارت مجلة فورين بوليسي الأمريكية محمد شيمشك كواحد من بين 500 شخص الأكثر نفوذاً في العالم.
محمد شيمشك وعالم السياسة
بعد عمله الطويل خارج تركيا عاد Mehmet Şimşek إلى بلاده ودخل عالم السياسة التركية.
انتخب محمد شيمشك نائباً عن حزب العدالة والتنمية في ولاية غازي عنتاب التركية للدورة الثالثة والعشرين.
كما انتخب لاحقاً نائباً في البرلمان التركي عن ولاية باتمان في الدورة الرابعة والعشرين وفق ما نقله haberturk وترجمه موقع أوراق تركيا.
وسنة 2009 شغل منصب وزير المالية ثم أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في حكومة أحمد داوود أوغلو ما بين 2014 و2016.
لماذا اختار أردوغان محمد شيمشك؟
يوصف الوزير الجديد للخزانة والمالية بأنه صاحب فكر متوازن ومنطقي حيال سياسات تركيا الاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بسعر الفائدة ومنذ إعلان اسمه أكد أن من أولوياته خفض التضخم في البلاد.
ويوصف شيمشك بأنه مصدر الأمان والثقة للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال في الداخل، حيث من المتوقع أن يجذب الاستثمارات ويحقق توازن المعروض النقدي.
يعول أردوغان على شيمشك للتسريع بأحلام أنقرة الوصول إلى نادي العشرة الكبار، ودفع قارب النجارة نحو تخفيض التضخم والبطالة وتحقيق نمو كبير من خلال المشاريع الاقتصادية المتنوعة.
ووفق الصحفي المقرب من حزب العدالة والتنمية التركي عبد القادر سلفى فإن شيمشك اشترط للقبول بمنصب الوزير أن يشكل فريقه بنفسه وأن لا يتدخل أحد في القرارات التي سيقوم باتخاذها خلال عامين لضمان وصول اقتصاد البلاد نحو بر الأمان.
ويبدو أن الوزير الجديد يدرك أن الخلاف الوحيد بينه وبين أردوغان هو نسبة الفائدة، حيث يتمسك الرئيس بضرورة خفضها فيما يرى شيمشك حاجة لرفعها عندما تقتضي الضرورة.
لم يتم الحديث عن هذا الخلاف بين الأوساط السياسية والإعلامية لكن تبقى خبرة شيمشك الاقتصادية والمالية العالية وتجربته الإيجابية المميزة في الحكومات السابقة دافع أردوغان الأكبر لاختياره.
النهج المتوقع لوزير المالية التركي الجديد 2023
يتمتع شيمشك بعلاقات ضرورية مع مؤسسات النقد الدولي والبنك الدولي وهو ما يساهم في قدوم استثمارات أجنبية ويحسن نظرة التصنيفات الائتمانية للاقتصاد التركي.
ويرى الوزير الجديد في تصريحاته الأخيرة بعد إعلان اسمه من أردوغان أن دعم البنك المركزي سيكون سياسة رئيسية لوزارته لتحقيق هدف مكافحة التضخم وإجراء الإصلاحات المالية المختلفة.
ويتوقع محللون اقتصاديون أن ينتهج محمد شيمشك سياسات من شأنها تسهيل تدفقات النقد الأجنبي، والعمل على تحقيق استقرار سياسي في خطوة تهدف لتأمين الاستقرار الاقتصادي.
ويرى شيمشك أنه ينبغي التفريق بين تكافؤ الفرص والتعليم الجيد المؤهل قبل الاعتماد على الصدف والحظوظ في تحديد ما يتم الطموح له.