فتح التقدم الرقمي والتكنولوجي فرصاً كبيرة بين الناس للاتصال وتبادل المعلومات ورغم المزايا العديدة لذلك إلا أن هذا التطور جلب تهديدات مختلفة من البعض الذي استغله لنشر الأكاذيب والترويج للشائعات ولهذا ظهر قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا الذي أصدرته الحكومة التركية لردع كافة أساليب التضليل سواء في الإعلام أو منصات التواصل.
وأدى التقدم التقني إلى تحوّل حروب الدعاية الكلاسيكية إلى أشكال أكثر دقة من حرب المعلومات، مما يصعب على المواطنين العاديين فهم خفايا تلك الأساليب التي تهدف لتدمير المجتمعات وإصابتها بالذعر والقلق والإخلال بالنظام العام.
ولهذا لا بد للأفراد في أي دولة كانت التسلح بالمعرفة والقدرات لإنقاذ أنفسهم من خطر المعلومات والدعايات الكاذبة التي غالباً ما تكون مسيسة ومخطط لها ويتم تنفيذها بناء على أجندات خارجية لنشر الكراهية وتلفيق القصص عبر عناوين وتفاصيل مضللة ومقاطع فيديو تم اقتطاعها أو استخدام أساليب التزييف العميق وهي أخطر ما أنتجه التقدم الرقمي للعالم أجمع.
قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا
وأواخر عام 2022 أقر البرلمان في تركيا قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا ويتضمن تجريم نشر الأخبار الكاذبة ويفرض على كل من ينشر معلومات مضللة عقوبة تصل إلى السجن ويستهدف إلى جانب وسائل الإعلام بمختلف أنواعها مواقع التواصل الاجتماعي.
وحمل القانون اسم "قانون الصحافة" ويتضمن 40 مادة أبرزها سجن من ينشر معلومات كاذبة أو مضللة تتعارض مع الأمن الداخلي والخارجي للبلاد أو يتسبب بالإضرار بالصحة العامة أو يعكّر صفو النظام العام أو ينشر الخوف والذعر بين الناس.
وإذا ارتكب هذا الفعل من قبل شخص أخفى هويته أو ارتكب التضليل ضمن فعاليات كيان كمنظمة أو مؤسسة أو هيئة تضاف نصف العقوبة إلى العقوبة الرئيسية حسب قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا وفق ما نقلته تي آر تي خبر trthaber.
ويشترط أن يكون الخبر أو المنشور عاماً وعلنياً وبالتالي فإن المحادثات الخاصة غير مشمولة ولا يهم ماهية الخبر سواء كان دولياً أو إقليمياً أو محلياً ففي حال كان غير صحيحاً ومضللاً وأدى للقلق والخوف وتسبب بالإخلال بالنظام العام يعاقب فاعله.
تعريف زعزعة النظام العام في تركيا
عرّفت المحكمة العليا في تركيا سنة 2012 زعزعة النظام العام على أنها أفعال تهز وتنتهك بشكل خطير قواعد الأخلاق والأمانة والمجتمع والقانون.
تتضمن تلك الأفعال ما ينتهك المبادئ الأساسية والقيم والعدالة والفهم الأخلاقي للدستور مثل: "التحريض على الطائفية وتهديد السلم الأهلي" أو الإساءة لأي من الرموز التالية:
- الدولة التركية
- الأمة التركية
- اللغة التركية
- النشيد التركي
- العلم التركي
ولا حاجة لوجود ادعاء شخصي لرفع دعوى عامة بهذا الخصوص إذا يمكن للنيابة العامة القيام بذلك أمام المحكمة التركية ويمكن لمؤسسات الاتصال وتقنيات المعلومات مراقبة وسائل التواصل وإزالة أي موضوع يخالف قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا.
بنود تخص مواقع التواصل في تركيا
ومن بين القرارات المرتبطة بتفاصيل قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا ما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي حيث يفرض القانون على أشهر الشبكات فتح مكاتب تمثيلية داخل البلاد للتعامل مع الشكاوى المختلفة.
وينبغي على المكاتب الامتثال لأوامر المحاكم التركية إذا ما طلبت سحب منشور مخالف للقوانين وما شابهها من قرارات قضائية ويمكن للحكومة فرض غرامات باهظة في حال عدم الامتثال لتلك القواعد.
تتحمل الشركة المسؤولية عن الأضرار إذا لم تتم إزالة المحتوى المضلل أو حظره ويمكن تغريم هذه المنصات بما يتجاوز 5 ملايين ليرة تركية وفي حال عدم التقيد بقرار إزالة المحتوى أو حظره، رغم الغرامة السابقة، فقد يتم تغريمهم المنصة المخالفة بأكثر من 10 ملايين ليرة تركية.
نصائح وتوصيات للعرب والسوريين في تركيا
من النصائح التي يمكن للعرب والسوريين اتباعها لتجنب المشاكل القانونية بخصوص قانون مكافحة المعلومات المضللة في تركيا:
- توخي الحذر حيال أي منشور أو خبر يتم مشاركته والترويج له في المجموعات والمنصات العامة تحت طائلة الملاحقة القضائية.
- الابتعاد عن الحملات التحريضية التي تقوم بها صفحات وحسابات وهمية وعدم تصديق التعليقات التي تهدف إلى تغيير آراء الجمهور وخلق توجه عام لديه في إطار معين ومخطط مسبقاً.
- عدم مشاركة معلومات الخاصة أو تفاصيل بياناتك حساباتك بمنصات التواصل مع شخص آخر وتجنب الحديث بالمسائل الداخلية التركية الحساسة.
- التجاهل هو أفضل حل للتعامل مع التصريحات العنصرية ومحاولات الاستفزاز في حال عدم تسببها بإيذاء مباشر وفي حال جرى أي أذى يمكن توثيق ما جرى معكم بالدلائل وجلب شهود وتقديم شكوى للسلطات المختصة وللمزيد حول هذه النقطة يمكن قراءة المقال التالي: "العنصرية في القانون التركي وخطوات التعامل مع الاعتداءات في تركيا".