يُعد سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار ومختلف العملات الأجنبية الأخرى مؤشراً مهماً لِصحة الاقتصاد التركي ولِقوة الشراء داخل البلاد وفي هذا المقال نتحدث عن التغير الذي طرأ عليها خلال السنوات الأخيرة حيث شهدت تغيراً جذرياً انعكس على مختلف نواحي الحياة.
وعادة ما تتحرك البنوك المركزية العالمية لمواجهة انخفاض قيمة العملة باتجاهين: "الأول رفع سعر الفائدة على الودائع والإقراض بالعملة المحلية والثاني طرح جزء من احتياطيها من النقد الأجنبي لزيادة عرض العملية الأجنبية وإعادة التوازن للعملة الوطنية".
ويدور التساؤل عن التحول الكبير الذي سجلته قيمة الليرة التركية أمام مختلف العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي.
الليرة التركية مقابل الدولار ما بين 2014 و2017
وفي الفترة ما بين عامي 2014 حتى 2017 سجل سعر الليرة التركية مقابل الدولار ومختلف العملات الأجنبية سلسلة تراجعات حادة اختلفت خلالها الأسعار لدرجة كبيرة وانعكست على مختلف نواحي الحياة في البلاد.
وبينما كانت قيمة الليرة التركية أمام العملة الأمريكية نحو 2,3 للدولار الواحد سنة 2014 وصلت عام 2015 إلى 2,50.
وفي عام 2016 تراجعت قيمة الليرة التركية ليسجل الدولار الواحد في ذلك الوقت نحو 3,59 ليرة تركية.
وفي ذلك الوقت طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الشعب التركي: "من كان لديه عملات أجنبية مخبأة تحت الوسادة فليحّولها إلى ذهب، تعالوا وحولوها إلى الليرة التركية لكي تصبح أكثر قيمة" وفق ما نقله موقع رئاسة الجمهورية.
وسنة 2017 استمرت الليرة التركية مقابل الدولار بالهبوط وسجل الواحد من الأخير نحو 3,8 ليرة تركية.
وفي ذلك الوقت كان توجه تركيا لخفض أسعار الفائدة بهدف تنشيط النمو الاقتصادي في البلاد وهو ما كان يؤكد عليه الرئيس التركي ومستشاروه بشكل متكرر.
أزمة الليرة التركية 2018 - 2020
وما بين عامي 2018 و2020 شهدت الليرة التركية أكبر تحولات في تاريخها ووصلت لمستويات قياسية ارتبط غالبيتها بالأزمات العالمية الاقتصادية والسياسية والصحية.
وواجهت تركيا أزمة اقتصادية ونقدية قاسية سنة 2018، وبلغت أكثر من 6 ليرات ثم تعافت عند حاجز 5,28 ليرة تركية أمام الدولار الواحد تقريباً فيما صعد معدل التضخم إلى 25% رغم أنه عاود التراجع إلى 20% نهاية العام ذاته.
وتحدثت السلطات التركية في ذلك الوقت عن تلاعب بسعر الصرف ومؤامرة وهجوم عنيف من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أثر على المستثمرين وواردات تركيا من الألمنيوم والصلب بسبب الرسوم الأمريكية الجمركية المستحدثة.
وبلغ سعر الليرة التركية مقابل الدولار سنة 2019 نحو 5,45 ليرة تركية مقابل الدولار الواحد وعام 2020 انخفضت قيمتها لتصل إلى 7,33 أمام العملة الأمريكية وبلغ اليورو آنذاك نحو 8,99 ليرة تركية.
أكبر هبوط تاريخي لليرة التركية 2021 - 2024
في الفترة ما بين 2021 وحتى 2024 ازداد هبوط الليرة التركية وساهم في ذلك الأزمات العالمية المتتالية من أزمة كورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية والعديد من الأحداث الدولية المؤثرة على اقتصادات الدول كافة.
واقترب الدولار الأمريكي الواحد مقابل الليرة التركية من حاجز 14 ليرة سنة 2021 فيما وصل عام 2022 إلى حاجز 18,65 ليرة تركية واليورو سجل 19,31 ليرة.
وسنة 2023 بلغ سعر الدولار الواحد 29،13 ليرة تركية ليصل حتى منتصف 2024 إلى نحو 32 ليرة تركية فيما سجل اليورو سعر 34 ليرة.
توقعات الليرة التركية 2024 - 2025
وفي مايو/أيار 2024 توقع "بنك أمريكا" أن يبلغ سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية بحلول نهاية العام ذاته مستوى 38 ليرة للدولار الواحد مرجعاً الأسباب لارتفاع معدل التضخم في البلاد.
لكن المستثمرين الأجانب والأتراك باتوا أكثر تفاؤلاً مع تشديد السياسة النقدية التركية حيث بدأت بعض البنوك بالابتعاد عن الدولار رغم أن قطاعات اقتصادية باتت في تباطؤ أكثر من السابق حسبما نقله موقع gazeteoksijen.
وفي مارس/آذار 2024 توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نمو اقتصاد تركيا إلى 2,8% وهي نسبة أعلى من التوقع الذي سبقه وكان 2,5% وأرجعت ذلك إلى تأثيرات التشديد النقدي السابق وزيادة أسعار الفائدة مصحوبة بتشديد السياسات المالية والائتمانية وتلك المتعلقة بالدخل.
لكن فيتش توقعت استمرار ضعف سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار إلى 38 ليرة للعملة الأميركية في 2024 وإلى 41 مقابل الدولار في 2025.
يذكر أن الحكومة التركية بذلت جهودًا لتعزيز النمو وتحسين الاستقرار الاقتصادي ضمن إجراءات لمكافحة التضخم ودعم الثقة في الليرة التركية وللمزيد يمكن قراءة المقال التالي: "إيجابيات ومخاطر رفع أسعار الفائدة في تركيا وأثره على التضخم".