تعد الأعمال الدرامية التاريخية من الوسائل المهمة في التأثير بالجمهور وصناعة رأي عام حول أحداث وشخصيات في تاريخ البشرية ولهذا فإن على تلك المسلسلات مسؤولية كبيرة تتعلق بالدقة والتوازن في تقديم أي رواية وهو "ما يفتقده مسلسل فاماغوستا" حسب مسؤولين أتراك فما قصته وما علاقتها بـ تركيا؟

في هذا المقال نتناول قصة هذا المسلسل الذي تعرضه منصة نتفليكس في 2024 وأثار انتقادات لاذعة حتى قبل عرضه كون قصته "تشوه الحقائق التاريخية المرتبطة بما يعرف "عملية السلام التركية في قبرص" سنة 1974.

وتصاعد الجدل بعد إعلان المخرج والممثل اليوناني أندرياس جورجيو عن موعد عرض السلسلة في 20 أيلول، ما أثار ردود فعل قوية ضده على وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما داخل الأوساط السياسية التركية.

ما قصة مسلسل فاماغوستا؟

ومسلسل فاماغوستا يتناول فترة النزاع القبرصي عام 1974 من خلال حكاية عائلة شابة تتعرض لمآسي و تركز القصة على زوجين شابين يفقدان طفلهما الرضيع البالغ من العمر ثلاثة أشهر وسط الفوضى التي أعقبت العملية العسكرية. 

يضطر الزوجان إلى الفرار من منزلهما، بينما يجهلان مصير طفلهما وبعد مرور عقود، يعود الأب الذي يعيش في لندن إلى قبرص ليكتشف أن ماضي الجزيرة مرتبط بمأساته الشخصية. 

لا يقدم المسلسل مجرد قصة عاطفية عن الفقد، بل يتناول أيضًا تعقيدات الصراع القبرصي، وقد عُرض العمل لأول مرة على قناة "ميجا" اليونانية في يناير 2024، وحقق جدل واسع أدى لمشاهدات تتساءل عن قصته ولمعرفة أحداثه لتقوم نتفليكس بعرضه على جمهور عالمي رغم الانتقادات الكبيرة في تركيا وخارجها.

علاقة فاماغوستا بـ تركيا

منذ الإعلان عن عرض "فاماغوستا" على نتفليكس، واجه المسلسل انتقادات لاذعة من المسؤولين الأتراك، الذين يرون أنه يشوه الحقائق التاريخية المتعلقة بعملية السلام التركية في قبرص عام 1974. 

وعبر زعيم القبارصة الأتراك إرسين تاتار، عن غضبه من المسلسل، معتبرًا أنه يقدم رؤية مغلوطة للأحداث ويظهر التدخل التركي على أنه غزو عدائي بدلاً من عملية سلام تهدف لحماية القبارصة الأتراك من الإبادة الجماعية. 

وأكد تاتار أن هذه العملية التي قادتها تركيا معترف بها دوليًا كخطوة لضمان السلام والأمن في الجزيرة.  

وفي تصريح لوكالة الأناضول، أعرب الرئيس القبرصي التركي إرسين تتار عن رفضه لعرض مسلسل "فاماغوستا" على منصة نتفليكس قبل موعد عرضه المقرر في 20 سبتمبر. 

ووصف تتار المسلسل بأنه "بعيد كل البعد عن الحقيقة"، منتقدًا المنصة الدولية لتقديمها ما اعتبره "دعاية سوداء". 

وأكد تتار أن القبارصة الأتراك كانوا ضحايا للعنف منذ الخمسينيات، وأنهم تعرضوا للنزوح الجماعي والمذابح الموثقة جيدًا على أيدي القبارصة اليونانيين في الستينيات.

كما لفت إلى أن القبارصة الأتراك "يُعاملون بشكل غير عادل مرة أخرى" من خلال هذه الأعمال الدرامية.

وعبر نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، عن استيائه عبر منصة إكس (تويتر سابقاً)، واعتبر أن "فاماغوستا" يمثل دعاية للقبارصة اليونانيين ويشوه صورة الجيش التركي.

وأضاف يلماز أن المسلسل يتجاهل المجازر التي ارتكبتها منظمة "إيوكا" (EOKA) ضد القبارصة الأتراك، مما يخلق تصورات خاطئة حول أحداث 1974 وعملية تركيا العسكرية.

مسؤولية تتحملها الدراما

ويعد تناول التاريخ في الأعمال الدرامية سلاحًا ذو حدين، فبينما يساهم في نقل قصص الماضي إلى الجمهور الواسع، فإنه يحمل مسؤولية كبيرة تتعلق بالحفاظ على الدقة والموضوعية. 

ويمثل مسلسل "فاماغوستا" تحدياً واضحاً في هذا السياق، حيث تختلف وجهات النظر حول النزاع القبرصي، ويعتبر البعض أن السرد الأحادي الجانب قد يؤدي إلى تشكيل انطباعات خاطئة لدى الجمهور العالمي. 

يذكر أن مسلسل "فاماغوستا" ليس الأول الذي يتناول النزاع القبرصي، فقد تم تناول هذا الصراع في العديد من الأعمال التركية مثل مسلسل "بير زمانلار كيبريس" (Bir Zamanlar Kibris) الذي عرض في عام 2021. 

ركز هذا المسلسل على تصوير عملية السلام من وجهة نظر تركية، لكنه واجه رفض بعض القبارصة اليونانيين الذين اعتبروا أنه لا يعكس بدقة الأحداث والشخصيات التاريخية.

ومن المتوقع أن يكون لمسلسل "فاماغوستا" تأثير كبير على الجمهور نظراً للانتشار الواسع الذي توفره منصة نتفليكس. ومع اقتراب موعد العرض، تتوجه الأنظار إلى كيفية استقبال الجمهور لهذه الدراما المثيرة للجدل.

وفي تركيا تتسابق شركات الإنتاج والقنوات التلفزيونية على مدار العام لتقديم أفضل الأعمال الدرامية بمختلف أنماطها وبعضها ما هو مهم للتوعية وتشكيل الرأي العام وللمزيد يمكن قراءة المقال التالي: "أفضل 9 مسلسلات تركية تاريخية".