قرار الإقامة في بلد جديد هو أمر يتطلب تفكيراً دقيقاً وتخطيطاً ليس بالسهل، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بانتقال عائلة كاملة إلى بيئة مختلفة عن البلد الذي نشأت فيه. وإليكم في هذا المقال أبرز مقومات استقرار العرب في تركيا ونصائح مهمة قبل التفكير بخطوة الانتقال.
وتعد مختلف الولايات التركية وجهات مميزة يختارها البعض لما توفره من مزايا عدة على مختلف الأصعدة، سواء اقتصادية أو اجتماعية، والكثير من الأسر تبحث عن العوامل التي تجعل تلك المناطق وجهات مناسبة للاستقرار.
وفي السنوات العشر الماضية تم تقديم تسهيلات حكومية للأجانب لتسهيل عملية الاندماج والتعايش مع المجتمع المضيف، وخلق ذلك بيئة ملائمة للحياة العائلية المستقرة بالإضافة إلى مقومات الطبيعة الجميلة والمناخ المعتدل.
ومع استمرار رغبة بعض العرب في تركيا بالاستقرار بات من الضروري فهم العوامل التي تدعم هذا التوجه. وإليكم في مقالنا أهم المقومات التي تجعل الولايات التركية خياراً مناسباً للعرب الباحثين عن حياة جديدة ومستقرة.
متطلبات الانتقال إلى تركيا
عند اتخاذ قرار الانتقال إلى تركيا بهدف الاستقرار فيها، يجب التفكير في عدة جوانب حيوية لضمان تجربة سلسة وناجحة.
الوضع الاقتصادي وسوق العمل من أهم الأمور التي ينبغي على العرب في تركيا أخذها بعين الاعتبار، بالإضافة إلى تكلفة المعيشة.
من الضروري أيضاً التحقق من متطلبات الإقامة والتأشيرات، وتفاصيل البنية التحتية والخدمات المتاحة مثل الرعاية الصحية والتعليم وفق ما نقلته منصة besthouseturkey وترجمه موقع أوراق تركيا.
ومن الأمور المهمة أيضاً: "اللغة والثقافة المحلية التي قد تشكل تحدياً للعائلة" لذا من المفيد تعلم بعض أساسيات اللغة لفهم المجتمع الجديد والاندماج فيه.
ويجب النظر بعوامل الأمن والاستقرار ضمن البلد الجديد ومدى تأثير القوانين والضرائب على الحياة اليومية، مع التأكد من وجود مجتمع داعم أو جالية توفر لك ولعائلتك شعوراً بالأمان والانتماء.
عوامل استقرار العرب في تركيا
وتركيا (خارج الأزمة الاقتصادية الحالية) لطالما كانت أحد أفضل الوجهات المفضلة للعرب الراغبين في الاستقرار، كونها توفر بيئة ملائمة تجمع بين الثقافة والتاريخ والاقتصاد المتين.
وفي هذا السياق، نستعرض خمسة عوامل رئيسية تسهم في جعل مختلف الولايات التركية خياراً مثالياً للعائلات العربية.
1. الجاليات والمحلات العربية في تركيا
تعد جاليات العرب في تركيا واحدة من أبرز العوامل التي تسهم في دعم استقرارهم، خاصة في مدينة إسطنبول.
وتوفر هذه المجتمعات بيئة داعمة للأسر كونها تنظم فعاليات اجتماعية وثقافية تتيح للأفراد التواصل مع بعضهم و تسهيل عملية الاندماج في الحياة اليومية.
إلى جانب ذلك، تتيح المحلات والمطاعم العربية للعائلات الاستمتاع بالمأكولات التي تذكّرهم ببلادهم، مما يخفف من شعور الغربة.
على سبيل تنتشر هذه المحلات في مناطق حيوية في إسطنبول مثل الفاتح وباشاك شهير وبيليك دوزو، وتقدم مجموعة متنوعة من الأطعمة، تشمل المأكولات السورية، والعراقية، واليمنية، واللبنانية.
وبفضل هذا التنوع، يمكن لعائلات العرب في تركيا تلبية احتياجاتها من مستلزمات الحياة اليومية، بدءاً من المكونات الأساسية للطهي وانتهاءً بالمنتجات الغذائية المخصصة، مما يسهل عليهم التأقلم مع البيئة الجديدة.
كما أن توافر هذه الجاليات والمحلات يعكس تكامل الثقافة العربية مع المجتمع التركي، مما يساهم في خلق بيئة مريحة للعرب القاطنين في تركيا.
2. الاستقرار الاقتصادي في تركيا
يمثل الاقتصاد التركي أحد العوامل الأساسية التي تشجع على استقرار العرب في تركيا، إذ يشكل دعامة قوية لمستوى المعيشة والرفاهية.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي واجهتها البلاد في السنوات الأخيرة، استطاعت تركيا أن تعزز من مكانتها في الأسواق العالمية بفضل استراتيجياتها الفعالة في جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير بنية تحتية قوية تدعم النمو الاقتصادي المستدام.
وتمتاز تركيا بتنوع اقتصادها، الذي يشمل مجالات عديدة مثل التجارة والصناعة والزراعة، مما يوفر فرص عمل واسعة للمقيمين.
وهذه البيئة الاقتصادية المزدهرة تتيح للعرب فرصاً متعددة لتأسيس مشاريعهم الخاصة، مما يسهم في تنمية الاقتصاد المحلي.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة التركية على تقديم حوافز ودعم للمستثمرين، مما يعزز من نجاح المشاريع العربية.
الاستقرار الاقتصادي لا يقتصر فقط على خلق فرص العمل، بل يؤثر أيضاً على جودة الحياة بشكل عام.
ومع تحسن الظروف الاقتصادية، تتحسن مستوى المعيشة، ويعكس ذلك تأثيراً إيجابياً على العرب في تركيا.
وبالتالي، يمكن القول إن الاقتصاد التركي المستقر يمثل أرضية قوية تدعم استقرار العرب في تركيا، وتعزز من فرص نجاحهم وتكيفهم في بيئة جديدة.
3. موقع تركيا المهم
تحتل تركيا موقعاً استراتيجياً يجمع بين قارتي أوروبا وآسيا، مما يجعلها نقطة تواصل رئيسية بين الشرق والغرب.
وهذا الموقع الجغرافي الفريد يساهم بشكل كبير في تسهيل حركة تنقل العرب في تركيا والدول العربية، ويعزز ذلك الروابط الأسرية والثقافية بين المجتمعات العربية وبلدانهم الأصلية.
إلى جانب ذلك، يُعد القرب الجغرافي من الدول العربية ميزة كبيرة للعائلات المقيمة في مختلف الولايات التركية، حيث يُمكنهم زيارة بلدانهم بسهولة وفي وقت قصير، مما يتيح لهم الحفاظ على اتصالاتهم مع الأهل والأصدقاء.
هذه الروابط الأسرية تعزز من الشعور بالانتماء وتخفف من الشعور بالغربة، مما يسهم في تكيفهم بشكل أفضل مع الحياة الجديدة.
علاوة على ذلك، يسهل الموقع الجغرافي لتركيا استيراد المنتجات والخدمات من الدول العربية، مما يفتح آفاقاً جديدة للعرب المقيمين في تركيا في مجالات التجارة والأعمال.
وتوفر الأسواق التركية مجموعة متنوعة من السلع العربية، مما يعزز من فرصهم الاقتصادية ويمنحهم القدرة على تلبية احتياجاتهم اليومية بشكل أفضل.
ومن خلال هذا الموقع الجغرافي المتميز، يمكن للعرب أن يعيشوا تجربة مريحة ومتنوعة في تركيا، تعزز من استقرارهم واندماجهم في المجتمع.
4. مناخ تركيا وطبيعتها الساحرة
يعد المناخ في تركيا من أبرز عوامل جذب العائلات للاستقرار، إذ تتمتع البلاد بتنوع مناخي يتيح لها أربعة فصول تناسب معالمها الطبيعية الساحرة مختلف الأوضاع الجوية.
فمثلاً يمكنك الاستمتاع بالشتاء الثلجي في المناطق الداخلية مثل أنقرة وقيصري مع تشكل المناظر الطبيعية الخلابة التي تغطيها الثلوج.
أما في الربيع، فتزهر حدائق المدن وتكتسي الطبيعة بألوانها المشرقة، مما يجعلها فرصة العرب في تركيا للاستجمام والخروج في نزهات واستكشاف المعالم الطبيعية بالبلاد.
الصيف يتميز بمناخ معتدل، وخاصة في السواحل الغربية والجنوبية، مما يتيح للعائلات قضاء وقت ممتع على الشواطئ الرائعة، في حين أن الخريف يتمتع بجو هادئ ولطيف.
إضافة إلى ذلك، تتمتع تركيا بجمال طبيعي خلاب وتنوع تضاريسها. من الغابات والمروج الخضراء في شمال البلاد إلى الشواطئ الرملية الساحرة في الجنوب، تُعتبر تركيا بيئة مثالية للعيش والاستمتاع بالطبيعة.
مدن مثل طرابزون، المعروفة بجمالها الطبيعي ومناخها المعتدل، وبورصة، التي تعد جنة لمحبي الطبيعة والجبال، وأنطاليا، هي واحدة من أبرز الوجهات السياحية بفضل شواطئها الخلابة ومياهها الزرقاء الصافية، تجذب العديد من العرب للاستمتاع بتجربة حياة مميزة ومليئة بالأنشطة الخارجية.
5. العادات والتقاليد المشتركة مع الأتراك
العادات والتقاليد المشتركة بين العرب والأتراك هي أحد العناصر الرئيسية التي تُسهم في تسهيل عملية الانتقال إلى تركيا.
الجذور التاريخية المشتركة مع الأتراك تعود إلى الحقبة العثمانية، والتي أدت إلى تشكيل علاقات ثقافية واجتماعية وثيقة بين الشعوب.
الدين الإسلامي يمثل الرابط الأكبر مع الشعب التركي إذ تتجلى القيم المشتركة في الحياة اليومية والممارسات الدينية.
كما أن هناك تشابهاً كبيراً في العادات والتقاليد الاجتماعية، مما يسهل من عملية اندماج العرب في تركيا.
على سبيل المثال، المناسبات الاجتماعية مثل الأعياد والأفراح يحتفل بها بشكل متشابه تعزز الشعور بالانتماء لدى العائلات العربية.
المطبخ التركي أيضاً يتمتع بأطباق واسعة متشابهة مع المطبخ العربي، إذ تشترك العديد من الوصفات والنكهات مع الثقافة التركية، مما يجعل الحياة اليومية أسهل للعائلات العربية في تكييف أذواقهم.
علاوة على ذلك، يتحدث الكثير من الأتراك اللغة العربية، وخاصة في المناطق الجنوبية مثل هاتاي وكيليس، مما يعزز التواصل ويسهل التفاعل بين الثقافات.
هذا التوافق الثقافي يشكل عاملاً مهماً في تعزيز الاستقرار العربي في تركيا، مما يتيح للعائلات الاستمتاع بحياة متكاملة تجمع بين الأصالة والتجديد.
نصائح الانتقال إلى تركيا
عند تخطيط العرب في تركيا للانتقال إليها، هناك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك على تحقيق انتقال سلس وناجح.
أولاً، من المهم دراسة تفاصيل الإقامة ومتطلبات التأشيرات والتأكد من اتباع الإجراءات القانونية اللازمة. يفضل البدء في تعلم اللغة التركية، فهي تسهّل التعاملات اليومية وتعزز من فرص الاندماج في المجتمع التركي.
وينصح بالبحث عن مناطق السكن التي تضم مجتمعات عربية أو أماكن قريبة من الخدمات الأساسية، مثل المدارس والمراكز الصحية.
الاقتصاد التركي يوفر فرصاً جيدة للاستثمار والعمل، لذا من المفيد استكشاف الفرص الاقتصادية ومجالات الاستثمار المناسبة.
كما ينبغي الانتباه إلى القوانين المحلية والالتزام بها، مع فهم الاختلافات الثقافية بين المجتمع العربي والتركي لضمان التفاهم والتعايش السلس حسبما نقله موقع isbank.
أخيراً، التواصل مع جاليات العرب في تركيا قد يسهم في تسهيل الانتقال ويوفر دعماً اجتماعياً مفيداً للفرد و العائلة.