لطالما أثرت الأحداث السياسية أو التغيرات المحلية بشكل أو بآخر على حال الاقتصاد في أي بلد حول العالم، ومنها تركيا التي تأثرت فيها أسعار العقارات بعد الانتخابات التركية 2023 وهو ما نتناوله في التقرير التالي.
وانتهت الانتخابات التركية في 28 أيار/مايو 2023 بفوز مرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان على منافسه في تحالف الأمة كمال كليجدار أوغلو في جولة ثانية من السباق بعد عدم حسم النتائج من الجولة الأولى في الاستحقاق الذي بدأ بتاريخ 14 من ذات الشهر.
ورغم أن السوق العقاري التركي ليس بالحديث أو المرتبط بالأحزاب أو الأطراف السياسية أياً كانت، إلا أنه مرتبط بشكل أو بآخر بحال الاقتصاد التركي وما يؤثر عليه عموماً من أحداث وتطورات عالمية ومحلية.
وشهدت تركيا ثورة عقارية حقيقية بعد إقرار قانون يسمح لمواطني أكثر من 180 دولة بالتملك العقاري في البلاد.
وحافظت الأسواق التركية على بريقها رغم العديد من الأزمات في تركيا ومختلف دول العالم لكن كيف تأثرت أسعار العقارات بعد الانتخابات؟
انتعاش مبيعات العقارات في تركيا بعد فترة ركود
قبل تناول التوقعات والتقارير الواردة في وسائل الإعلام التركية لا بد من الإشارة إلى أن انتهاء الانتخابات دون أي مشاكل يعني الاستقرار وعودة الانتعاش للأسواق بعد فترة من التردد والترقب لما ستؤول إليه تلك العملية.
بحسب ما نقله موقع abcgazetesi عن رئيس جمعية الترويج العقاري التركي بالخارج عمر فاروق إقبال فإن نشاطات شركات العقارات شهدت زيادة بأكثر من 600% في ساعات العمل مقارنة بما قبل الانتخابات.
كل ذلك قد يؤثر على أسعار العقارات بعد الانتخابات حسب إقبال الذي توقع أن يشهد السوق العقاري نشاطا يقدر بنحو 1,5 مليار دولار من الطلبات المنتظرة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأوضح عمر إقبال أن الركود الذي تعرضت له الأسواق التركية يرجع إلى الزلزالين المدمرين في مناطق جنوبي تركيا في فبراير/شباط 2023 وجولتي الانتخابات التي تلتهما وهو ما أصاب المستثمرين بالتردد.
في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2023، انخفضت نسبة مبيعات العقارات مقارنة بسنة 2022، كما انخفضت مبيعات العقارات في تركيا خلال أبريل/نيسان بنحو 29 بالمئة مقارنة بمارس/آذار الذي قبله.
في أبريل/نيسان تم إجراء 214947 صفقة بيع عقارات في تركيا جلبت نحو 338172341 ليرة تركية، وخلال مارس/آذار الذي قبله تم إجراء 277496 عملية بيع للعقارات في البلاد.
أسعار العقارات بعد الانتخابات التركية 2023
تشهد أسعار العقارات بعد الانتخابات وحتى قبل ذلك الوقت بسنوات تصاعداً كبيراً ارتبط بالأزمات المختلفة حتى خارج تركيا مثل جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا وغير ذلك من المؤثرات على الاقتصاد العالمي.
جاءت فترة السباق الرئاسي والبرلماني في تركيا لتخلق حالة من الترقب والانتظار والتريث قبل الإقدام على أي خطوة حتى نهاية تلك العملية دون أي مشاكل.
وعاد الحديث عن استقرار أسعار العقارات بعد الانتخابات جراء شعور الارتياح العام لمختلف الفئات في البلاد، لا سيما وأن أي تغيير سياسي في مختلف دول العالم يزيد من احتمالات الركود والتضخم والأزمات الاقتصادية المختلفة.
وما زاد من أهمية الانتخابات في تركيا وتأثيرها على الوضع العام تزامنها مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، وتكرار الحديث عن رؤية البلاد لعام 2023 عبر مشاريع إنمائية من أنفاق وجسور وطرقات ومدن طبية وغير ذلك الكثير.
عوامل تؤثر على أسعار العقارات في تركيا بعد الانتخابات
وتتفاوت أسعار العقارات بعد الانتخابات متأثرة بعوامل عامة لا تختلف عما قبل فترة السباق الرئاسي مثل الولاية والموقع والمنطقة وجودة البناء وارتفاع الطابق ونوع البناء وما إلى ذلك.
وبشكل خاص في ولاية إسطنبول تكون أسعار العقارات هي الأعلى بين الولايات التركية الأخرى لكونها مركزاً سياحياً واقتصادياً مهماً للبلاد تليها المدن والولايات السياحية التي تشهد نشاطاً سنوياً في مجال الاستجمام والسياحة مثل أنقرة وبورصة وأنطاليا.
وتتأثر الأسعار عموماً بمؤشر العرض والطلب، فكلما زاد الطلب وقل العرض ارتفعت الأسعار والعكس صحيح وهو ما ينطبق على سوق العقارات في تركيا، وقد تجلى ذلك بوضوح بعد فترة الزلزال التي سبقت الانتخابات بفترة قصيرة.
ومع الانخفاض النسبي لليرة التركية وارتفاع الغلاء وتكاليف البناء واليد العاملة، بات من المنطقي أكثر ارتفاع أسعار العقارات في تركيا مع العوامل السابقة التي تم ذكرها.
لكن بالمقابل ترتفع نسبة المستثمرين في تركيا وتزيد رغبة الأجانب بمن فيهم العرب والسوريين في شراء العقارات نظراً للتسهيلات الضريبية وضرورات الإقامة العقارية والرغبة في اكتساب الجنسية عن طريق الاستثمار.
وتبدو تلك التوقعات هي الأقرب للمنطق في ظل الظروف الحالية، لكن على المدى الطويل قد تشهد أسعار العقارات بعد الانتخابات استقراراً أكبر إن لم تشهد أي انخفاض على أقل تقدير.
ويعد مجال البناء والعقارات أحد أبرز المجالات التركية للاستثمار، وبسبب الزيادة السكنية ومشاريع التحول الحضري لمواجهة الزلازل والكوارث الطبيعية تضاعفت أهمية هذا القطاع.
ولدى تركيا الكثير من المشاريع العقارية المميزة، لاسيما تلك التي تكون ضمن مجمعات مخصصة لأهداف تجارية أو سكنية وتحتضن العديد من المزايا الأمنية والخدمية والترفيهية.
وخلال الأعوام الأخيرة، استطاع سوق العقار التركي تحقيق مرتبة متقدمة بين العديد من دول العالم.
ويرجع ذلك لأسباب شجعت المستثمرين العرب والأجانب على الاستثمار العقاري مثل التسهيلات التي تحدثنا عنها والتقارب الثقافي والمزايا التي تمنحها مثل تلك المشاريع.