عندما يتعرض الشخص لخطر يهدد نفسه أو ماله يتحرك بشكل غريزي لوقفه أو دفعه وهو ما يسمى بالدفاع المشروع أو الشرعي أو حق الدفاع عن النفس ولطالما كفلت القوانين والشرائع منذ القدم وحتى اليوم هذا الحق.
ومن الحقوق الأساسية للإنسان المحمية بمختلف القوانين حول العالم، حق الدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس وقد كفل القانون التركي هذا الحق، ومنع فاعله من العقاب، لكن بشروط ومعايير معينة نناقشها في هذا التقرير.
والغرض من إباحة القوانين في تركيا ومختلف أنحاء العالم، للدفاع عن النفس حماية حق غريزي لدى الناس بمنع ما يعرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر بوسائل وطرق سريعة عندما يتعذر على السلطات العامة بالوقت المناسب القيام بهذا الأمر.
الدفاع عن النفس في القانون التركي 2023
الدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس أو ما يعرف بالتركية Meşru Müdafaada أو Meşru Savunma هو اللجوء للقوة المعقولة لصد هجوم بما يتناسب مع الوضع والظروف.
كان قانون العقوبات القديم في تركيا يشترط أن يهدد الهجوم حياة الشخص أو يعرضه لخطر الاغتصاب ليتم اعتبار الفعل دفاعاً عن النفس لكن ذلك ألغي في القانون الجديد.
ويشمل الدفاع الشرعي في القانون التركي:
- جرائم الاعتداء على النفس
- جرائم الاعتداء على المال
- جرائم الإيذاء
- الجرائم الجنسية
- جرائم انتهاك ممتلكات أو حرمات الآخر
وتضمنت الفقرة الأولى من المادة 25 من قانون العقوبات التركي Türk Ceza Kanunu معلومات عن الدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس ومشروعيته.
وجاء في الفقرة المذكورة بأنه "لا يعاقب الشخص على الفعل الذي يرتكبه لصد هجوم ظالم مؤكد ضد حقه أو حق شخص آخر، بما يتناسب مع الخطر، وحسب الوضع والظرف في تلك اللحظة".
مسببات الدفاع المشروع في القانون التركي
ليكون حق الدفاع المشروع أو الدفاع عن النفس شرعياً وغير معاقب عليه، يجب الالتزام بشروط ومعايير معينة بهدف عدم التعسف وحفظ الحقوق بما يتناسب مع الخطر الواقع.
- التعرض لهجوم يشكل خطراً حقيقياً حاليا أو وشيك الوقوع ومستمراً فإن وقع الاعتداء وانتهى فلا ينشأ حق الدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس.
وإذا هرب السارق وترك المسروقات فلا يعد استخدام القوة ضده مشروعاً بعد ذلك لأن الهدف من الدفاع هو استرداد الحق بالدرجة الأولى.
- أن يكون الهجوم غير مبرراً ومخالفاً للقانون، فلو أن شخصاً استخدم ملكه الخاص أو المشترك مع شخص آخر، لا يمكن للطرف المقابل استخدام القوة لاسترداده منه واعتبار ذلك حقاً مشروعاً.
- أن يستلزم هذا الخطر استخدام القوة لرد العدوان أو الانتهاك.
ويدخل في الشرط الثالث عاملين مهمين هما:
- عدم وجود وقت كاف يسمح لمن يتعرض للهجوم أن يلجأ للسلطة المختصة
- أن يكون استعمال القوة هو الوسيلة الوحيدة لرد العدوان
وإذا تحققت تلك الشروط يجوز استخدام حق الدفاع عن النفس أو الدفاع المشروع.
شروط الدفاع المشروع بالقانون التركي 2023
استخدام الدفاع عن النفس أو الدفاع المشروع له شروط ولا يكون بشكل عشوائي ومفتوح بل يخضع لمعايير محددة يجب الالتزام بها.
ومن أول وأهم تلك الشروط أن يوجه هذا الدفاع أو الرد على مصدر الهجوم أو الاعتداء لا أن يوجه نحو هدف آخر مغاير لمصدر الخطر.
ومن الشروط الأخرى أن يتناسب الرد مع حجم الاعتداء فالدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس لا يمنح رخصة مفتوحة لإيذاء المعتدي إنما يجيز له الرد بالقدر المقابل من القوة والعنف.
ومن هنا تأتي أهمية مراعاة التدرج في الدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس.
فلو كان في الإمكان الرد باليد أو العصا لا يشرع استخدام السلاح القاتل المؤدي إلى الجرح أو القتل.
ولو تجاوز الشخص فكسر عضواً من أعضاء المهاجم، أو جنى على حياته يكون ضامناً ومسؤولاً عن جنايته.
وهناك شرط تنص عليه قوانين بعض الدول (لم يرد في القانون التركي) وهو ضرورة توفر حسن النية خلال استخدام الحق.
وتقدر المحكمة المختصة توفر هذا الشرط من عدمه وقد تطلب ممن مارس حق الدفاع المشروع أو الدفاع عن النفس ما يثبت حسن نيته في استخدام تلك الصلاحية.
تقدير شرعية الدفاع عن النفس
للمحكمة المختصة في تركيا كل الصلاحية لتقدير ظروف وملابسات الحادث واعتبار الدفاع عن النفس مشروعاً أو لا بالنظر إلى حجم الخطر والقدر اللازم لمنعه.
ولا يعني ذلك التطابق التام بين حجم الخطر والرد إنما القدر المناسب والمنطقي فالمسألة تقديرية ترجع للمحكمة التي تنظر بالحادث.
كما لا يعد الدفاع شرعياً أو لا يكون الدفاع عن النفس قانونياً إن صدر ضد موظف عام يقوم بواجبات وظيفته.
فلا يمكن اعتبار الاعتداء على الشرطي أو موظف الأمن دفاعاً مشروعاً عن النفس إن كان يقوم بواجباته ووظيفته دون أن يرتكب جريمة.
هل يقتصر الدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس على الأفراد؟
تجدر الإشارة إلى أن الدفاع الشرعي لا يقتصر على الأفراد إذ يكون بين الدول التي لها الحق في الدفاع عن كيانها ورعاياها عندما يتعذر اللجوء للقانون الدولي لصد الأخطار الواقعة عليها.
وفي هذا الإطار تؤكد الأمم المتحدة شرعية كفاح الشعوب للتحرر من السيطرة الاستعمارية، والأجنبية بكافة الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح، كما ورد في بعض قرارات الجمعية العامة.